يجسد مستشفى صيدا الحكومي صورة متناقضة عن الاهتمام والاهمال معا، الأول: المضيّ قدماً في استكمال تجهيزاته بعدما رفع عدد الاسرة الخاصة لعلاج مرضى "كورونا"، الى جانب مباشرته إجراء فحوصات الـPCR" في المختبر الخاص به في المبنى القديم المُحاذي للجديد. والثاني: استمرار معاناة الموظفين والعاملين فيه مع قبض رواتبهم، رغم كل المناشدات لدعم "الجيش الابيض" الذي يقاتل بشراسة على جبهة المستشفيات الحكومية في لبنان، وفي الصورة المتناقضة مؤشّر جدّي الى مدى الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية في مواجهة تحدّي تفشّي الوباء وارتفاع عدد الإصابات والوفيات بعيدا عن اي حسابات خاصة.
والتعبئة العامة والاقفال التام الذي قرّرته حكومة تصريف الاعمال لأكثر من أسبوعين، اتاحت لمدينة صيدا التي قرّرت مواجهة "كورونا" بيد واحدة، بتكاتف قواها السياسية وفاعلياتها البلدية والمؤسّسات الأهلية والطبّية، التقاط انفاسها ونجحت في خفض عدد الاصابات التي كانت فيها، وإعطاء المزيد من الوقت للمستشفيات استكمال تجهيزاتها، حيث انخرطت الخاصة في معركة مواجهة الفيروس وفتحت اقساما له وتحديدا في "حمود الجامعي، لبيب الطبي والراعي"، والحكومي في رفع قدرته العلاجية بعدما تم زيادة 16 سريراً في قسم "الكورونا" وجهوزيته لاستكمال تجهيز 5 غرف للعناية الفائقة، والاهم بدء اجراء فحص الـPCR، في المختبر الخاص به بهبة من الـUNHCR وبمساعدة لجنة إدارة الكوارث والأزمات وبكلفة مئة الف ليرة لبنانية وهي الارخص في المدينة ومنطقتها حتى من المختبرات.
ومنذ بدء جائحة كورونا، لعب المستشفى الحكومي دورا بارزا ومحوريا في الحد من انتشار الوباء وتشخيص المرضى، فكان اول من افتتح قسما خاصا لعلاج المرضى في المدينة، وبإجراء فحوصات الـPCR لشرائح واسعة من المواطنين في منطقة صيدا والجوار، في الفترة السابقة عبر أخذ عينات وارسالها الى مستشفى بيروت الحكومي واعلان النتائج، وحاليا باجراء الفحوصات في المختبر وصدور النتائج في مدة اقصاها 24 ساعة.
ويؤكد رئيس المستشفى الدكتور احمد الصمدي ان المختبر بات جاهزا بعدما أجرينا فحوصات تجريبية ناجحة. "وسنبدأ باجراء 100 فحص يوميا وسنعمل الى رفع العدد وتوسيع دائرته بحسب ما تتطلبه مقتضيات الأوضاع الصحية والوقائية في المدينة وجوارها".
وأوضح الصمدي حول آلية استقبال المواطنين في المختبر "انقسمت آلية عمل المختبر الى مرحلتين الاولى تبدأ باخذ العينات من المواطنين في سياراتهم من الثامنة صباحا وحتى الثانية من بعد الظهر، فيما تستكمل المرحلة الثانية بإجراء الفحوصات في مركز الطوارئ الخاص بقسم الكورونا"، علما أن عدد الحالات المتراكمة منذ افتتاح قسم الكورونا في المستشفى وحتى يومنا هذا بلغ 226 اصابة، شفي منهم عدد كبير وخلال الاسبوع المنصرم دخل 18 مريضا فيما سُجّل شفاء 16، وثلاث وفيات وهو معدل أقل مقارنة بمرحلة ما قبل الاقفال".
معاناة الموظفين
ونجح المستشفى في رفع قدرته العلاجية وبدء اجراء فحوصات الـPCR" والتي تركت ارتياحاً في الأوساط الصيداوية التي اصرت على استمرار تقديمه الرعاية الصحّية والإستشفائية للمرضى ولا سيّما لحالات "كورونا"، قابله تأخّر صرف مستحقّاته ورواتب موظّفيه منذ ثلاثة أشهر بفِعل الأزمة المالية التي يعاني منها.
ويوضح رئيس لجنة الموظّفين في المستشفى خليل كاعين أنّ بدء إجراء فحوص الـPCR نقلة نوعية في تجهيز المستشفى لمواجهة الفيروس، لكن المشكلة تكمن بعدم دفع رواتب الموظفين والعاملين فيه، مضيفا لقد تلقينا وعودا كثيرة وابلغنا بتحويل الأموال الى المستشفيات "ولكنّنا نريد إقران الأقوال بالأفعال"، مضيفاً: "نحن طلاب حقّ، وأقلّ الواجب ان نقبض رواتبنا بانتظام، نحن نعمل بـ"اللحم الحيّ" وقد أُصيب عدد كبير من العاملين في المستشفى بالفيروس، نحو 36، وبعضهم تلقّى العلاج، والبعض الآخر ما زال في الحجر المنزلي"، منوّها بمبادرة الحملة الأهلية الصيداوية في دعم المستشفى وتأمين احتياجاته الضرورية، قائلاً: "لولا ذلك لكان المستشفى أقفل منذ شهرين، أو تراجعت خدماته كثيراً".