اختار رئيس دولة فلسطين محمود عباس أنْ يكون أوّل تحرّك سياسي دبلوماسي، إلى خارج الأراضي الفلسطينية المُحتلة، منذ أشهر عدّة، إلى المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية للقاء الملك عبدالله الثاني بن الحسين والرئيس عبد الفتاح السيسي، لدورهما وموقفهما، فضلاً عن الموقع الجغرافي للبلدين.
تكمن أهمية الزيارة الخاطفة، التي تستغرق يومين، بأنها تأتي:
- في لحظه دقيقة وظروف صعبة تمر بها القضية الفلسطينية بفعل في ظل الحصار والضغط الذي تقوده الإدارة الأميركية ضد الرئيس «أبو مازن» والقيادة الفلسطينية منذ وصول دونالد ترامب إلى الحكم، ومُمارساتها وسلطات الاحتلال، وتوقف كُثُرٍ عن دعم فلسطين معنوياً ومادياً، ومُحاولات التحالفات والاصطفافات بالاختراق الإسرائيلي بالتطبيع مع عدد من الدول العربية، وفق «صفقة القرن» ومُندرجاتها.
- لوضع العاهل الأردني والرئيس المصري، بصورة الوضع الفلسطيني، والاستماع منهما إلى انطباعاتهما واتصالاتهما، ولتنسيق المواقف في الحراك القادم، خاصة باتجاه الرؤية التي تقدّم بها الرئيس عباس لعقد مُؤتمر دولي السلام في الشرق الأوسط، حيث باشر الأمين العام للأُمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش، مُشاوراته واتصالاته مع الدول، وأيضاً بدء روسيا خطوات عملانية لذلك، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية بحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس.
- تزامناً مع إحياء الأُمم المُتحدة وفلسطين ومُناصري القضية الفلسطينية، يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، الذي اعتمدته الأُمم المُتحدة في العام 1977، تأييداً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والظلم التاريخي على الشعب الفلسطيني، الذي وقع عليه في القرار 181 الصادر في العام 1947، وقضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين: إسرائيلية وفلسطينية، لم تظهر إلا الدولة الإسرائيلية وما زالت دولة فلسطين تنتظر تجسيدها على أرض الواقع، على الرغم من اعتراف 138 دولة بها، في مثل هذا اليوم من العام 2012، يوم حقّق الرئيس عباس إنجازاً تاريخياً في الأُمم المُتحدة، حيث أصبحت فلسطين عضواً مُراقباً، وحققت العديد من المُكتسبات.
فقد عُقِدَ، أمس (الأحد) اجتماع قمة بين الرئيس عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في مدينة العقبة الأردنية، للتشاور حول مُجمل التطورات على الساحة الفلسطينية، وجملة من القضايا ذات الاهتمام المُشترك.
حضر اللقاء من الجانب الفلسطيني: عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ ورئيس جهاز المُخابرات العامة اللواء ماجد فرج.
وعن الجانب الأردني: ولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني، وزير الخارجية وشؤون المُغتربين أيمن الصفدي ومُدير جهاز المُخابرات اللواء أحمد حسني.
شكر الرئيس عباس للعاهل الأردني «مواقفه الداعمة للموقف الفلسطيني، ولحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال».
وأكد الرئيس أنّ «هذه المواقف الداعمة، وآخرها تأكيد الملك عبدالله الثاني مركزية القضية الفلسطينية، وأهمية الاستمرار بالسعي نحو تحقيق السلام العادل والشامل، تُؤكد عمق العلاقات بين القيادتين والشعبين الشقيقين».
وأشاد الرئيس بـ«دور الأردن التاريخي في حماية والدفاع عن المُقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من مُنطلق الوصاية الهاشمية على هذه المُقدسات».
من جهته، أكد العاهل الأردني «ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل والدائم وإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين»، مُشدّداً على «وقوف الأردن بكل طاقاته وإمكاناته إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة وإقامة دولتهم المُستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
كما أكد على «ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس»، مُشدّداً على «رفض المملكة لجميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف تغيير هوية المدينة ومُقدساتها ومُحاولات التقسيم الزماني أو المكاني، للمسجد الأقصى المُبارك/الحرم القدسي الشريف».
وجدّد الملك التأكيد على أن «الأردن مُستمر بتأدية دوره التاريخي والديني في حماية المُقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من مُنطلق الوصاية الهاشمية على هذه المُقدسات».
وأكد الرئيس عباس والملك عبدالله الثاني على «ضرورة توفير جميع سبل الدعم لاستدامة عمل وكالة الأُمم المُتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، لتمكينها من المُضي في تقديم خدماتها الحيوية التعليمية والصحية والاغاثية للاجئين، وفق تكليفها الأُممي».
واتفقا على «مُواصلة التنسيق والتشاور إزاء مُختلف القضايا، وبما يحقق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، ويحقق السلام العادل والشامل والاستقرار في المنطقة».
وفي سياق آخر، جدّد ملك الأردن تعازيه الحارّة بوفاة أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«مُنظمة التحرير الفلسطينية» الدكتور صائب عريقات.
وغادر الرئيس عباس العاصمة عمان، إلى القاهرة، التي وصلها مساء أمس، في زيارة رسمية يُرافقه فيها الشيخ وفرج، سيلتقي خلالها اليوم (الإثنين) الرئيس السيسي، الذي يبحث معه أيضاً ملف المصالحة الفلسطينية.
وكان في استقباله في الصالة الرئاسية بمطار القاهرة الدولي، وزير القوى العاملة محمد سعفان، وفد من قيادة جهاز المُخابرات العامة المصرية وسفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية دياب اللوح.
وقال السفير اللوح: «إن زيارة الرئيس هدفها تجسيد التشاور والتعاون الدائم والمُستمر مع أخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه القضايا المُتعددة على المُستويات العربية والإقليمية والدولية، خاصة ما تمر به المنطقة من ظرف شديد الخصوصية».
وأضاف: «إن لقاء قمة سيجمع الرئيس محمود عباس مع أخيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم (الاثنين)، في إطار التنسيق المُشترك بين القيادتين، بما يعمل على مُواجهة التحديات الماثلة أمام جهود نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وإنجاز حق تقرير مصيره وإقامة دولته المُستقلة ذات السيادة الوطنية الكاملة على جميع أراضي دولة فلسطين التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وأشاد السفير اللوح بـ«موقف جمهورية مصر العربية، قيادة وشعباً، التي تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، والتي اعتبرت القضية الفلسطينية قضية أمن قومي مصري، وأولتها كل الرعاية والاهتمام، وقدمت عبر تاريخها المُمتد التضحيات الجسام من أجلها».
واستقبل الرئيس عباس، مساءً، في مقر اقامته بالعاصمة المصرية القاهرة، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
كما استقبل الرئيس عباس، أيضاً وزير خارجية مصر سامح شكري.