اشارت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها الى أن قتل عالم نووي لن يوقف برنامج إيران ولكن الدبلوماسية هي الكفيلة بذلك. ولفتت الى إن الولايات المتحدة وحلفاءها حاولوا على مدى العقدين الماضيين تطبيق عدة استراتيجيات لاحتواء المشروع النووي الإيراني. منها العقوبات القاسية وشن عمليات سرية لتعطيل أجزاء مهمة في المشروع والتهديد بالعمل العسكري وقتل الباحثين فيه. ومن جانب آخر، استخدموا المفاوضات مع طهران كي توافق على تجميد عناصر مهمة من برنامجها مثل تخصيب اليورانيوم وفتح المجال امام المفتشين الدوليين دخول المنشآت.
وذكرت انه من الواضح الآن أي من المدخلين كان ناجحا، وبعد عامين ونصف على قرار ترامب الخروج من الاتفاقية النووية التي وقعتها إدارة باراك أوباما في عام 2015 وفرضه استراتيجية أقصى ضغط بدا واضحا فشله. فرغم ما في الاتفاقية من عيوب إلا أنها نجحت في تجميد وتخفيض معدلات اليورانيوم المخصب. وساهمت بالقضاء على فرص مسارعة إيران لإنتاج القنبلة النووية، على الأقل حتى منتصف 2020.
وبالمقارنة فلم تنجح العقوبات وعمليات التخريب حتى عندما كانت ناجحة في وقف إيران من التقدم نحو انتاج الأسلحة النووية، وحتى الإطاحة بالنظام الإسلامي في طهران. ولن يتم تغيير هذا السجل عبر عملية اغتيال الأسبوع الماضي والتي قيل إن إسرائيل نفذتها ضد عالم ذرة إيراني الذي عمل في المشروع النووي الإيراني الذي علق عام 2003.
وكانت عملية قتل محسن فخري زادة مدهشة من ناحية العمل السري ومعايير عالم الظل، كما كان مدهشا عمليات التخريب والحرائق التي أصابت منشآت الطرد المركزي في مفاعل نووي. وأدت العقوبات المستمرة على إيران لضرر كبير على اقتصادها. وهذا لم يمنعها من زيادة معدلات تخصيب اليورانيوم بمعدلات عالية وأعلى مما سمحت به الاتفاقية النووية في منشأة سرية لا يمكن للضربات الجوية الوصول إليها. وزادت من بناء جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي. ويعتقد بعض الخبراء أن طهران تستطيع إنتاج مواد لإنتاج القنبلة وفي غضون أشهر وهو ما قلل الجدول الزمني من عام أو أكثر. ولا يزال بنيامين نتانياهو الذي ظل يدفع باتجاه إحباط الجهود النووية الإيرانية داعما لاستراتيجية الضغط رغم عدم نجاحها.
واوضحت انه "بعد هزيمة ترامب الشهر الماضي أعلن نتانياهو أنه يجب عدم العودة للاتفاقية النووية، ردا على ما عبر عنه الرئيس المنتخب جوزيف بايدن. ويأمل الزعيم الإسرائيلي بتعقيد جهود الرئيس المقبل لو قررت إيران الانتقام لعالمها. وربما منحت إيران بردها مبررا لترامب كي يقوم بغارات ضد منشآتها، وهو خيار ناقشه الشهر الماضي مع مساعديه. ويحاول الرئيس حسن روحاني الذي ناقشت حكومته الإتفاقية النووية مع أوباما ضبط أي محاولة للرد قبل تولي بايدن الرئاسة. وسينفع هذا الطرفين، فبايدن منح طهران مسارا دبلوماسيا، وعلى خلاف الموقف المتشدد لترامب ونتنياهو فبايدن لديه سجل من النجاح".