قد يكون الفرنسيون فشلوا في اقناع رئيس الجمهورية ميشال عون في تقديم المزيد من التنازلات كي تبصر الحكومة النور، ولكن «اهل مكة ادرى بشعابها» والثنائي الشيعي قد يكون قادرا على الوساطة حيث فشلت فرنسا ولكن تحت سقف شرط اساسي على الرئيس المكلف سعد الحريري الالتزام به «قدم لعون طرحا حكوميا جديا غير فاضح او مستفز، ونحن مستعدون للتدخل والمساعدة».
قد لا يستسيغ الحريري فكرة التفاهم مع عون بمعزل عن خلافه الشخصي مع باسيل، ولكن المنطق يقول بان عون هو الشريك الاول في التوقيع على الحكومة وصاحب القرار الاخير في الافراج عنها، واي استهداف مباشر له بخلفيات وغايات انتقامية كما يتصرف الحريري لن يجدي نفعا، والمعلومات تشير هنا بوضوح الى ان الفرنسيين مؤخرا قاموا بمبادرة جدية وفشلوا، ولم يستطيعوا تحت سيف التهويل والوعيد اخذ توقيع او موافقة عون على طريقة الحريري في ادارة ملف تشكيل الحكومة، وللاسف فان الخطأ الفرنسي كما قرأته مصادر قيادية في الثنائي الشيعي هو بمحاولة الضغط على عون فقط دون الالتفات الى ان الحريري هو معني اساسي بالعرقلة.
والمنطق ذاته يقول بان الثنائي الشيعي وبمعزل عن اتفاقه المسبق مع الحريري على حصته في الحكومة، لن يقبل تحت اي ظرف ان يتم تجاوز عون في هذا الملف، فالرجل على حد تعبير احد اهم قياديي هذا الثنائي «مقتول» واي محاولة للتدخل او الوساطة في ظل الطروحات المستفزة التي يقدمها الحريري له غير مجدية وتعتبر تصرفا غير لائق، فالرجل قدم تسهيلات كثيرة في هذا الملف واليوم لا يمكن ان نطلب منه المزيد لا سيما بعد ان زادت الضغوطات عليه الى حد ادراج باسيل على لائحة الالغاء السياسي حرفيا.
ولكن اعتكاف الثنائي حاليا في انتظار خطوة ايجابية من الحريري باتجاه عون، سبقتها مؤخرا كما تؤكد المعلومات محاولة غير معلنة «عالخفيف» بداها الثنائي مع عون والحريري لتليين موقفهما ولكن باءت بالفشل، وتضيف المعلومات ان الثنائي مستعد لتدوير الزوايا والتدخل في حال وجد ان هناك طروحات جدية من قبل الحريري، مؤكدة ان اي لقاء بين الرجلين قد يساهم في حلحلة العقد وتدوير الزوايا لا سيما وانه سيفتح بابا للنقاش والتباحث في التفاصيل بعد «القطيعة» بينهما.
وتنبه المصادر، الى ان ما يقال عن محاولة للحريري لتقديم تشكيلة امر واقع الى عون وفرضها عليه امام الراي العام والجهات الدولية هو محاولة ستبوء حكما بالفشل وسترفضها بعبدا مهما كانت العواقب، الا اذا اقتنع الحريري بالكلام الذي قاله له الرئيس في احد اللقاءات «قدم تشكيلتك وفق ما هو متفق عليه مع ثنائي امل وحزب الله وتيار المردة والتقدمي الاشتراكي كاملة بالاسماء والحقائب وتعا لنحكي» ، ونحن بدورنا نقول للحريري تصرف من هذا المنطلق وبعدها اتفق مع الرئيس على التفاصيل المتعلقة بحصته تحت سقف وحدة المعايير واحترام موقعه وشراكته بالتوقيع.
الا ان كل ما يقال هنا هو طروحات لتغيير الجو القاتم حكوميا والذي يبدو انه سيطول، فالثنائي نفسه يجزم بان الامور ليست ايجابية ابدا والعراقيل الداخلية تبدو مستعصية على الحل ، في حين ان اجواء التفاؤل التي يحاول المحيطون بالحريري اشاعتها وهمية وغير مبنية على وقائع ملموسة، واستخدمت فقط كبروباغندا اعلامية قبل مؤتمر الدعم الفرنسي للبنان، واذا استمرت الامور بهذه الطريقة فانه لا امكانية لتشكيل حكومة في وقت قريب، ونحن نحذر من ان اي تهور من قبيل محاولة فرض تشكيلة حكومية على بعبدا ستعيد الامور الى نقطة الصفر وتزيدها تعقيدا.