أفشل المقدسيون، أمس (الجمعة) مُحاولة أحد المُستوطنين المُتطرّفين لحرق "كنيسة الجثمانية" - قرب جبل الزيتون في القدس المُحتلّة، بعدما أقدم على اقتحامها وسكب البنزين، وقبل إضرامه النيران في بعض المقاعد الموجودة فيها.
وبذلك نجت واحدة من أقدم وأعرق الكنائس في القدس المُحتلّة والعالم، بفعل وحد المُسلمين والمسيحيين في المدينة المُقدّسة بالتصدّي لاعتداءات المُحتلين وقطعان المُستوطنين، حيث جرى اكتشاف المُخطّط - المُؤامرة قبل اكتمال تنفيذه.
ولقيت هذه الجريمة الإرهابية، إدانة وشجباً، مع المُطالبة باعتبارها إرهابية وليس التعامل معها وكأنّها جنائية فقط، إذا ما جرت مُحاكمة المجرم الإرهابي.
فقد شاهد أحد حرّاس الكنيسة، مُستوطناً يقتحمها ويقوم بسكب الوقود، الذي كان بحوزته على بعض المقاعد الخشبية الموجودة داخلها، فطارده بمُشاركة 3 مقدسيين مُسلمين ومسيحيين، ومنعوه من إشعال النيران، قبل أنْ تصل شرطة الاحتلال لاحقاً وتعمل على توقيفه.
استغل المُستوطن عدم وجود أحد داخل الكنيسة، جرّاء الإغلاق بفعل إجراءات جائحة "كورونا"، وهو مُستند إلى تساهل سلطات الاحتلال في الجرائم السابقة التي حصلت، ما شجّعه على القيام بجريمته الإرهابية.
وتفقّد وكيل عام حراسة الأراضي المُقدّسة ورئيس "مُؤسّسة يوحنا بولس الثاني في الشرق الأوسط" الأب إبراهيم فلتس، الكنيسة، مُطّلعاً على الجريمة الإرهابية، التي اقتصرت أضرارها على الماديات.
يتزامن ذلك مع الذكرى الثالثة لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القدس المُوحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، وهو ما يسعى الاحتلال إلى تكريسه، بمُحاولات تهويد المدينة المُقدّسة، وهدم وحرق المساجد الإسلامية والكنائس المسيحية.
يأتي ذلك ضمن سياسة الاحتلال على المُستويات كافة، الذي يمعن الضرب بعرض الحائط بكل المواثيق والاتفاقيات والقرارات والأعراف الدولية، حيث يعمد إلى تنفيذ سياسة فرض أمر واقع، مُستفيداً من الفترة الدقيقة والحسّاسة للأيام المُتبقية من ولاية الرئيس ترامب (46 يوماً) وتسليم مقاليد الحكم إلى الرئيس المُنتخب جو بايدن.
ودانت الرئاسة الفلسطينية "مُحاولة مُستوطن إسرائيلي إرهابي إحراق "كنيسة الجثمانية" في القدس المُحتلة"، مُطالبة "المُجتمع الدولي بتوفير الحماية لأبناء شعبنا وأماكنه المُقدّسة المسيحية والإسلامية".
وحمّلت الرئاسة "الحكومة الإسرائيلية، مسؤولية استمرار اعتداءات المُستوطنين ضد شعبنا وممتلكاته ومُقدّساته"، مُؤكدة أنّ "هذه الاعتداءات المُتكرّرة على الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية، دليل على همجية ووحشية المُستوطنين، الذين يُمارسون الإرهاب بأبشع صوره، تحت بصر وسمع قوّات الاحتلال الإسرائيلي".
وحيّت الرئاسة "يقظة أبناء شعبنا المُرابطين في القدس، التي حالت دون إكمال المُستوطن لجريمته".
من جهته، دان رئيس "اللجنة الرئاسية العليا لمُتابعة شؤون الكنائس" مُدير عام "الصندوق القومي الفلسطيني" الدكتور رمزي خوري "الاعتداء الذي نفّذه أحد المُستوطنين على "كنيسة الجثمانية" في العاصمة المُحتلة القدس، ومُحاولة إحراقها".
وقال خوري: "هذا الاعتداء ليس الأوّل الذي يمس دور العبادة والمُقدّسات الإسلامية والمسيحية ولا سيما في القدس، فقد سبق هذا العمل العديد من الاعتداءات التي مسّت دور العبادة ورجال الدين المسيحيين كإحراق "كنيسة الطابغة" في طبريا، والاعتداء على الرهبان الأقباط في ساحة "كنيسة القيامة"، والاعتداءات التي يشنّها الاحتلال ومُستوطنوه على المسجد الأقصى المبارك، واقتحامه يومياً، والاعتداء على المُصلّين، وقرارات الإبعاد التي تصدر بحقهم، وهو عمل مُمنهج من قِبل الاحتلال ومُستوطنيه، لإضعاف الوجود الفلسطيني العربي في القدس".
ودعا العالم والمُجتمع الدولي والأُطُر الكنسية والمُجتمعية كافة إلى أن "تكون حازمة في قراراتها وتوجّهاتها أمام ما يتعرّض له شعبنا الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه على الصعد كافة، التي ينتهجها الاحتلال ضدهم، خاصة
الاقتحامات المُستمرّة للمسجد الأقصى المبارك، أو التغيّرات الديموغرافية التي يُحاول تغييرها في منطقة الحرم الابراهيمي في الخليل وغيرها".
وأضاف: "اليوم تجلّى النسيج الوطني الفلسطيني في القدس بأبهى صوره، مُدافعاً عن "كنيسة الجثمانية"، فادي نيقوديم، وحمزة ومحمود عجاج، أبناء "المسجد الأقصى"، وأبناء "كنيسة القيامة"، جسّدوا اليوم وحدة المصير الفلسطيني، الذي يُواجه احتلالاً غاشماً يُريد أنْ يستبيح مُقدّساتنا الإسلامية والمسيحية"
وختم خوري: "على الاحتلال أنْ يعلم بأنّنا شعب يأبى الرحيل، وباقون على أرضنا لنحمي مُقدّساتنا الإسلامية والمسيحية".