أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان القوى السياسية الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان اتخذت قرارا بتصعيد التحركات الاحتجاجية تدريجيا ضد وكالة "الاونروا" وقراراتها بسبب تقليص خدماتها التربوية والصحية والاجتماعية بحجة العجز المالي، وآخرهاوقف برنامج الدعم المدرسي والاستغناء عن 225 معلما، بعد تهديد سابق بدفع نصف رواتب الموظفين، في سابقة خطيرة هي الاولى في تاريخ المنظمة الدولية التي يصادف ذكرى تأسيسها الواحد والسبعين.
في الأروقة السياسية الفلسطينية، فإن قرار التصعيد قد أتخذ، وبدأ بتحركات احتجاجيةسلمية اولى خطواتها الاعتصامات امام مكاتب مدراء المخيمات، على ان تتدحرج تباعا الى "مواجهة مفتوحة"، قد تصل في مرحلة لاحقة الى اقفال مكاتب ومؤسسات "الاونروا" في المناطق وتنظيم اعتصام مفتوح امام المكتب الرئيسي في بيروت،مرورا بمنع كبار المسؤولين من دخول المخيمات الفلسطينية وصولا الى دعوة المدير العامفي لبنان كلاوديو كوردوني الى الرحيل باعتباره المسؤول عن سياساتها وقراراتها.
وتعيد هذه المواجهة المفتوحة الى الاذهان، ما حصل مع المدير العام لوكالة "الاونروا" الاسبق ماتياس شمالي في العام 2016، حين اتخذ قرارات بتقليص الخدمات وخاصة الصحية، فهبت القوى الفلسطينية ومعها المخيمات في "انتفاضة شعبية"عارمة وبتحركات احتجاجية يومية في مختلف المناطق واستمرت اشهرا دون توقف، وانتهت برحيله وإلغاء قراراته وفق "تسوية"ساهم بمساعيها الحميدة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. فهل يتكرر المشهد اليوم، ويتحول شتاء "الاونروا" الى عاصف او ساخن؟لا سيما مع القناعةالفلسطينيةبأن الأمر لا يتعلق بالعجز المالي فقط، وإنما بمؤامرة سياسية تستهدف إنهاء عمل "الاونروا" عبر تجفيف مواردها على ضوء وقف المساعدات المالية الاميركية منذ تولى الرئيس دونالد ترامب الرئاسة والمقدرة بأكثر من 350 مليون دولار، ناهيك عن ضغوط على بعض الدول المانحة للمساعدات لوقفها او خفضها الى أدنى مستوى.
وأوضحمسؤول فلسطينيعبر "النشرة"، ان العلاقة مع ادارة "الاونروا" لم تكون دائما سوية، وهي تمر بمراحل من "المدّ والجزر" وفق سياسيات المدير العام التي يتولى رئاستها في لبنان، مشيرا الى ان كلاوديو ادار الظهر للمطالب الفلسطينية ولم يكن على قدر المسؤولية في مواجهة تفشّي فيروس "كورونا" ولم يعلن حالة الطوارىء الصحّية، ولم يقم بتطويق تداعياتها الاجتماعية والمعيشية، حتى ان المرة الوحيدة التي قدم فيها مساعدات ماليّة شابها الكثير من الاخطاء وأوقفت مرارا"، مؤكدا ان "القوى السياسية اتخذت قرارا بتصعيد التحركات الاحتجاجيّة باتّجاهات متوازية.
الاول: المحافظة على بقاء "الاونروا" على اعتبارها شاهدا حيا على نكبة فلسطين،فالقضية ليست خدماتية اغاثيّة، وانما سيّاسية بامتياز وان اسرائيل هي اصل المشكلة التي سببت اللجوء والمعاناة بانتظار تطبيق قرارات الشرعية الدولية ولا سيما منها القرار 194 الذي ينص على حق عودة اللاجئين الى ديارهم.
الثاني: الضغط على "الاونروا" لتحمل مسؤولياتها كاملة "اذا لم تستجب ادارتها الى مطالب اللاجئين ووقف قرارات التقليص المتواصل منذ اشهر دون الاخذ بعين الاعتبار الظروف المأساوية التي يئن تحت وطأتها اللاجئون في ظل تفشي جائحة "كورونا" وارتفاع نسب البطالة وحالات الفقر المدقع".
الثالث: مطالبة المجتمع الدولي القيام بواجبه تجاه اللاجئين وجعل موازنة "الاونروا" دائمة من ضمن موازنات الامم المتحدة، بحيث لا تعتمد كليا على تبرّعات الدول المانحة ومواقفها السياسية سلبا او ايجابا في دعم القضية الفلسطينية او الاستجابة لضغوطات دولية في خضم الصراع الدائر في المنطقة.
وقد أجمعت مؤسسات حقوقية وانسانية فلسطينية ان الازمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان منذ اكثر من عام، فضلاً عن الارتفاع الكبير في أسعار السلع وتدهور القدرة الشرائية للعملة المحلية مقابل الدولار، انعكست بتداعياتها سلبية مضاعفة على اوضاع اللاجئين والمخيمات في ظل حرمانهم من الحقوق المدنية والانسانية والاجتماعية، تزامنا مع العجز المالي التي تعاني منه "الاونروا" والذي بلغ نحو 130 مليون دولار اميركي منها 70 مليون رواتب للموظفين عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول الجاري، وتراجع مساعداتها وزيادة معدلات والفقر والبطالة والتي وصلت إلى 90%.
وطالب عضو "اللجنة الشعبية الفلسطينية" في عين الحلوة عدنان الرفاعي، بضرورة تصعيد التحركات الاحتجاجية لوقف مسلسل قرارات تقليص الخدمات، بعد الشرارة الاولى باقفال "كاراج" الاونروا في صيدا"، داعيا "الادارة الى إعداد خطة تنمويةتربوية-صحية–اغاثية تشمل كافة مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تضمن توفير طبابة لائقة وحياة كريمة إلى حين العودة إلى فلسطين التي هجروا منها قسرا.
وقال الرفاعي لـ"النشرة"، ان ما يجري خطير، ولا يمكن النظر اليه بانه قرارات بذريعة العجز المالي، بل الانتقال من مرحلة تقليص الخدمات الى انهاء التشغيل وهو الاخطر، والهاء الشعب الفلسطيني بوقفها بدلا من المطالبة بتحسين التقديمات، ما يؤكد ان هناك ثمة قرارا سياسيا بتصفية الاونروا تدريجيا"، متهما "المفوض العام فيليب لازارينيبتنفيذ هذه السياسية من داخل الوكالة بعدما نفذها من خارجها ترامب خلال ولايته".
واكد الرفاعي ان دفع الرواتب ناقصة او التهديد بوقفها ووقف برنامج الدعم المدرسي والتوظيف او تجديد عقود المتعاقدين وسواها، لا تقتصر نتائجه السلبية على الموظفين أنفسهم فقط، بل على دعم عائلاتهم ايضا في ظل الازمة المعيشية الخانقة، ما يفتح الباب مجددا امام موجة جديدة من الهجرة الفرديةمنها والجماعية وتاليا تصفية قضية العودة، وبذلك يكون المفوض العام لازاريني قد نفذ ما عجز عنه ترامب على مدى سنوات.
بينما هدد أمين سر القوى الاسلامية الشيخ جمال خطاب، بمنع المدير العام كلاوديو كوردوني من دخول المخيّمات قائلا "سنعاود ونكرر ما حصل أيام شمالي.واذا كان عاجزا عن تأمين مليونين دولار لمشروع الدعم المدرسيفليرحل"، مضيفا "نحن متمسكون بالاونروا ومصرون على بقائها ورفض القرارات الاميركية الهادفة الى الغائها.