تساقطت حبّات البَرَد والمطر على قبّة الصخرة المُشرّفة في القدس المُحتلة، كأنّها شلال ماء في منظر خلاب، وحالة من التجليات والبركات والروحانيات، في المكان الشاهد على إسراء ومعراج الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء، والدعاء ابتهالاً بأن تُغسل الأرض المُباركة من رجس المُحتل الإسرائيلي الغاصب.
على بُعد مئات الأمتار من الأقصى، كانت المياه والرمال تُسكب، وقبلها الافتداء بالأنفس من مقدسين، مُسلمين ومسيحيين، تصدياً لمُستوطن إرهابي، ومنعه من إحراق "كنيسة الجثمانية" التاريخية.
شمالاً من القدس، نحو رام الله، وعلى بُعد كيلومترات عدّة، وتحديداً في بلدة المغير، كان جنود الاحتلال يُنفّذون بدم بارد إعدام الطفل علي أيمن أبو عليا (13 عاماً) برصاص حقدهم الدفين، في جريمة يندى لها الجبين، باستباحة الدم والحقوق، عشيّة إحياء "اليوم العالمي لحقوق الإنسان".
وجنوباً، في بيت لحم، على الرغم من كل الإرهاب الذي يُمارسه المُحتل، كان يتم إطلاق الاحتفالات بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، باحتفال مُقتضب، بفعل إجراءات جائحة "كورونا"، جرى نقل وقائعه عبر شاشة تلفزيون فلسطين إلى العالم، في رسالة سلام من أرض السلام، الذي ينشده الشعب الفلسطيني.
ما يجري من مُخطّط للاحتلال الإسرائيلي عبر سلطاته وجيشه وشرطته وغُلاة المُستوطنين، لم يكن ليتم لولا حماية حكومة اليمين الأكثر تطرّفاً برئاسة بنيامين نتنياهو، المُتخبّط بمآزقه، للمُجرمين والمُعتدين، وإيجاد الحجج والذرائع لهم، ما يُشجعهم على المزيد من الاعتداء والاقدام على إحراق المساجد والكنائس والأطفال الفلسطينيين.
ليس ذلك، إلا تنفيذاً لمُؤامرة تهدف إلى تهويد مدينة القدس، عشية الذكرى السنوية الثالثة لتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قرار نقل سفارة الولايات المُتحدة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة مُوحّدة للكيان الإسرائيلي (6 كانون الأول/ديسمبر 2017)، بعد تأجيل 3 رؤساء أميركيين (شغل كل منهما 8 سنوات) ذلك، منذ إقراره هذا القانون في العام 1995 من قبل "الكونغرس" بأغلبية ساحقة من الحزبين "الجمهوري والديمُقراطي"، وأُعيد التأكيد عليه بالإجماع من قبل "مجلس الشيوخ".
وأمس (الأحد) غرّد السفير الأميركي لدى الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان، عبر حسابه على "تويتر"، قائلاً: "إن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان تاريخياً. اليوم تحل الذكرى الثالثة للقرار التاريخي للرئيس
الأميركي دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، شرفت بحضور الاحتفال بهذا القرار والحديث عنه".
وقد لقيت جريمة الاعتداء على كنيسة الجثمانية شجباً وإدانة دولية دعت إلى مُحاسبة المُعتدين وتوفير الحماية إلى الأماكن المُقدسة الإسلامية والمسيحية وإفشال مُخطط الاحتلال بتهويد المدينة المُقدسة.
وكذلك جريمة اغتيال الطفل أبو عليا، حيث قدّم رئيس دولة فلسطين محمود عباس، باتصال هاتفي العزاء إلى والد الشهيد أبو عليا، قائلاً: "إننا نُدين هذه الجريمة الشنعاء التي تأتي في إطار الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا الأعزل بهدف إرهابه".
وعبّر الرئيس عن "صادق تعازيه ومُواساته القلبية باستشهاد الطفل علي أبو عليا، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يتغمّد الشهيد بواسع رحمته، ويلهم أهله ومُحبيه الصبر والسلوان".
فيما، دان الأزهر الشريف بأشد العبارات "العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف "كنيسة الجثمانية" في بالقدس المُحتلة من قبل إرهابي صهيوني حاول إضرام النار بالكنيسة ما تسبب في إلحاق أضرار بها".
وأعرب عن أسفه لـ"مُرور خبر مثل هذا مرور الكرام على المُجتمع الدولي وإعلامه ووكالاته"، مُعتبراً "أن السكوت عن إدانته تجسيد واقعي لسياسة الكيل بمكيالين، تلك السياسة الجائرة التي يُولد من رحمها الإرهاب وينطلق في الأرض فساداً وتدميراً".
من جهتها، أدانت جامعة الدول العربية جريمة اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي الطفل أبو عليا.
واعتبر الأمين العام المُساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المُحتلة سعيد أبو علي "أن هذه الجريمة النكراء، التي هزت الوجدان والضمير الإنساني، ما هي إلا استمرار لسلسة جرائم الاحتلال المُمنهجة ضد شعبنا الفلسطيني، واستباحة دمه وحقوقه وأرضه ومُقدساته".
كما شجب "مُحاولة أحد المُستوطنين إحراق "كنيسة الجثمانية" في القدس المُحتلة".