دخل مصير الانتخابات العامة لـ"الكنيست" الـ24، مرحلة الحسم، بين الاستمرار بالخطوات لإقرار حل "الكنيست" الحالي، أو إعادة تعويم حكومة الائتلاف الـ35، بين رئيسها بنيامين نتنياهو ونائبه - رئيس البدل - بيني غانتس.
هذا يتوقّف على التوافق بين نتنياهو وغانتس لتنفيذ ما اتفقا عليه عند تشكيل الحكومة الائتلافية بين حزبي "الليكود" و"أزرق أبيض" في أيار/مايو الماضي - أي اقتناع نتنياهو الإلتزام بتنفيذ "قانون التناوب"، الذي أقرّه "الكنيست"، ويتولّى فيه رئاسة الحكومة لمُدّة 18 شهراً، يكون خلالها غانتس نائباً له ووزيراً للدفاع، قبل أنْ يتبدّل الحال، فيُصبح اعتباراً من 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، رئيساً للوزراء لمُدّة 18 شهراً، وحينها يتولّى نتنياهو المهام التي كان يشغلها غانتس.
كذلك إقرار المُوازنة العامة للعام 2021، قبل 23 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وإلا يُؤدّي ذلك إلى حل "الكنيست".
فقد وافقت لجنة الكنيست أمس (الأربعاء) على مشروع قانون حلّها بالقراءة الأولى بأغلبية 10 أصوات ومُعارضة 7، وإذا ما استمرَّ التصويت على ذلك في الجلسة العامة، المُتوقّع عقدها الأسبوع المُقبل، فإنّ الموعد المُتوقّع لإجراء الانتخابات هو يومي الثلاثاء 16 أو 23 آذار/مارس 2021، لتكون الرابعة خلال أقل من عامين، في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الكيان الإسرائيلي.
كانت الهيئة العامة لـ"الكنيست" قد صادقت في الجلسة التي عقدتها، يوم الأربعاء الماضي، على قرار الحل بـ61 صوتاً ومُعارضة 54 وغياب 4 نوّاب يُمثّلون "القائمة العربية المُوحّدة" - "الإسلامية الجنوبية"، بعدما طرحت كتلة "ييش عتيد - تيلم" برئاسة يائر لبيد مشروع قانون لحل "الكنيست"، ودعمه حزب "أزرق أبيض".
يُدرك نتنياهو وغانتس أنّ وضعهما في أصعب مراحله.
نتنياهو سيكون مُضطرّاً إلى خوض الانتخابات، وهو يُدرك أنّ حزب "الليكود" لن يكون له التمثيل ذاته في "الكنيست الحالية (36 مقعداً)، حيث أعطته الاستطلاعات (29 مقعداً)، لكن هذا قبل أنْ تطرأ تطوّرات، بإعلان مُنافسه على رئاسة "الليكود" (في كانون الأول/ديسمبر الماضي) غدعون ساعر، تقديم استقالته أمس من الحزب، لتشكيل حزب جديد يهدف إلى "استبدال حكم نتنياهو"، وتُرجّح الاستطلاعات أنْ يحصل حزبه الجديد على 17 مقعداً، وأنْ ينال "الليكود" 25 مقعداً.
للمرّة الأولى، لن يكون نتنياهو المُرجّح لتشكيل الحكومة، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أنّ 60% من أعضاء "الكنيست" ضد تكليفه تشكيل الحكومة، بعدما كانت استطلاعات الرأي، التي أُجريت خلال الفترة الأخيرة، أظهرت أنّ حكومة برئاسة نتنياهو ستحظى بدعم 66% من أعضاء "الكنيست" من "مُعسكر اليمين" والأحزاب "الحريدية".
وغانتس لن يكون بإمكانه تحقيق حلمه برئاسة الحكومة، وفق "اتفاق التناوب"، وأظهرت الاستطلاعات تعرّضه لخسارة كبيرة، فأعطته فقط 6 مقاعد، فيما يتمثّل حالياً بـ14 مقعداً.
لذلك، في ظل الخطر الداهم، الذي ازداد مع خطوة ساعر الجديدة، فإنّه من غير المُستبعد، أنْ يكون لالتقاء المصالح بين نتنياهو وغانتس، تدوير الزوايا والتوصّل إلى تسوية بينهما، ما يُؤدّي إلى تأجيل إجراء الانتخابات.
ويتمحور ذلك بأنْ تتم المُصادقة على الميزانية، مُقابل تأجيل مُدّة "التناوب" على رئاسة الحكومة 6 أشهر، فبدلاً من أنْ يتولّى نتنياهو رئاسة الحكومة لمُدّة 18 شهراً تنتهي في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، حيث يتسلّم غانتس الرئاسة لمُدّة سنة ونصف السنة، قبل أنْ يعود نتنياهو مُجدّداً لرئاسة الحكومة لمُدّة 6 أشهر، بأنْ يُكمِل نتنياهو ولاية مُتواصلة لمُدّة عامين كاملين تنتهي في أيار/مايو 2022، ويسلّم غانتس الولاية بعد ذلك.
إذا ما تمَّ الاتفاق على ذلك، فإنّه يُجنّبهما انتخابات عامّة جديدة يفقدان فيها ما لا يقل عن 19 مقعداً، وتكون الظروف أفضل لهما، مع وصول الشحنة الأولى من جرعات اللقاح المضاد لفيروس "كورونا" إلى الكيان
الإسرائيلي، وعددها 2000 من إنتاج شركة (فايرز) الأميركية، حيث "سيتم البدء بتطعيم الإسرائيليين، باللقاح اعتباراً من يوم 27 الجاري، والاستعداد لتطعيم 60 ألف مواطن يومياً"، وفق ما أعلن نتنياهو أمس.
يُعتبر ساعر (53 عاماً) أحد أبرز وجوه حزب "الليكود" وشغل مراراً مناصب وزارية في حكومات نتنياهو بين عامي 2009-2014، ومُقرّب من الأحزاب "الحريدية" والمُوالين السابقين لنتنياهو، قبل أنْ يترشّح لمُنافسته على رئاسة الحزب، حيث خسر الانتخابات التمهيدية بواقع 30% لصالحه مُقابل 70% لصالح نتنياهو.
ويُصنّف ساعر بأنّه إلى أقصى اليمين عن نتنياهو، حيث يُتوقّع أنْ يحصل حزبه الجديد على أصوات من مُختلف القوى والأحزاب السياسية، باستثناء "ميرتس" والأحزاب "الحريدية"، وسيكون باستطاعته فرض أي من المُرشّحين لتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
وقد ظهرت بوادر تأييده، بإعلان عضوَي "الكنيست" من كتلة "ديرخ إيرتس" تسفيكا هاوز ويوعاز هندل - المُنشقين عن تحالف "أزرق أبيض" - أنّهما سينضمان في الانتخابات المُقبلة إلى الحزب الجديد الذي سيترأسه ساعر، والذي يُتوقّع أنْ ينضم إليه عدد من نواب "الليكود" الحاليين ورئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت.
بينما أظهرت الاستطلاعات، تراجع تحالف أحزاب اليمين "يمينا" من 23 مقعداً إلى 19 مقعداً، وحزب "يش عتيد" سيحصل على 14 مقعداً بعدما كان مُرجّحاً حصوله على 19 مقعداً.
ويُتوقّع أنْ تستمر الأحزاب "الحريدية" بالمُحافظة على قوّتها، بحصول "شاس" على 9 مقاعد، و"يهدوت هتوراه" 7 مقاعد، وحزب "إسرائيل بيتنا" 7 مقاعد و"ميرتس" 5 مقاعد.
الخاسر الكبير في الانتخابات، هي "القائمة العربية المُشتركة"، التي أعطتها استطلاعات الرأي 11 مقعداً، بينما تتمثّل حالياً بـ15 مقعداً.
هذا يشير إلى أنّ نتنياهو سيحظى بدعم "الليكود" والأحزاب "الحريدية" (41 مقعداً)، علماً بأنّها تتمثّل حالياً بـ52 مقعداً.