هل تردّ إيران على عملية اغتيال العالم النووي؟ هل تتوسّع رقعة الهجمات الإسرائيلية على سوريا؟ هل يردّ حزب الله على عملية قتل أحد جنوده بسوريا؟ هل تقوم إسرائيل مدعومة بقرار "ترامبي" متهوّر بعملية عسكرية محدودة في لبنان؟. كل هذه الأسئلة تدور في خلد المواطن اللبناني الذي يحارب على جبهات عديدة، فالمرحلة الحاليّة صعبة للغاية، وما أصعب من الجوع إلا الخوف من الحرب.
ولكن ليست الحرب هي تلك التي تدور بين بلدين خصمين، فأحياناً تأخذ أشكالاً مختلفة عنوانها "الأمن"، وما يجري اليوم في الضاحية الجنوبيّة مثلاً يأتي في هذا السياق.
منذ 4 أيام سُرقت درّاجة نارية لمواطن يسكن في المبنى الذي أقطنه، سُرقت في وضح النهار من مدخل موقف المبنى، وقبل يومين، توجّه أحد عمّال ديليفري، يعمل في ميني ماركت بمنطقة السانت تيريز، لتوصيل الطلبية، صعد المبنى، فاختفت دراجته عندما عاد أدراجه، مع العلم أن صاحب الميني ماركت لم يسدّد بعد كامل ثمنها.
أمس، سُرقت "أسطوانة غاز" من أمام باب منزل أحد الجيران، وقبلها سُرقت "موتورات" ضخّ المياه، وقبلها سُرقت حبوب بانادول من صيدليّة وبقوّة السلاح، والقلق يتزايد كلّما اشتدّ الوضع الإقتصادي صعوبة، والخوف الأكبر من حوادث إطلاق النار.
أصبح صوت الرصاص في الضاحية الجنوبيّة امراً يومياً يصل في ساعات الليل المتأخرة إلى كل المنازل، وهذه الأصوات ناتجة بحسب مصادر أمنيّة عن إشكالات فرديّة تحصل في مناطق متعدّدة، وكلّها تحت عين الأجهزة الأمنية التي رصدت المتورّطين فيها وداهمت بعضهم وجعلت البعض الآخر مطلوبا للقضاء، ولكن هذا لا يكفي المواطنين الذين يخشون من تفلّت الأمن في الضاحية.
تشير المصادر الأمنيّة عبر "النشرة"، أنّ المقارنة بين عدد حوادث إطلاق الرصاص في الضاحية، وعدد السكان الذي يصل إلى ما يقارب الـ900 ألف، تؤكد أن ما يُقال عن تفلّت للأمن غير صحيح، والقلق الأكبر حاليا هو من حجم السرقات البسيطة التي تحصل، أي تلك التي لا تحصل بقوّة السلاح، وهي تؤشّر على "الحاجة" و"الفقر"، ومن المتوقّع أن ترتفع اعداد هذه السرقات بحال استمر الوضع الإقتصادي على ما هو عليه.
وتكشف المصادر أنّه ما عدا هذه السرقات فإنّ الوضع الامني في الضاحية أفضل من أماكن كثيرة في لبنان، إذ أنّ تقريراً لمخابرات الجيش اللبناني أُعدّ مؤخراً يُظهر إنخفاضاً كبيراً في نسبة الجرائم بالضاحية خلال أشهر فصل الخريف، مشيرة إلى ان القلق هو من النتائج المتوقعة لعمليّة رفع الدعم.
مصادر حزب الله وحركة أمل تؤكد أن "سلعة الأمن في الضاحية تُعادل سلعة الغذاء"، وبالتالي لن يتمّ التراخي بفرض الأمن، مشدّدة عبر "النشرة" أن التنسيق مع الجيش اللبناني بشكل أساسي يتمّ على أعلى المستويات، وعناصر الجيش تُداهم المطلوبين متى أرادت وأينما احتاجت، وهذا الأمر سيستمر خصوصاً بالمرحلة المقبلة، حيث سيكون التنبّه أكبر، مشيرة إلى أن "الامن في الضاحية خطّ أحمر".
معروف أن نسب الجرائم مرتبطة بنسبة الفقر، فكلّما ارتفعت الثانية ازدادت الأولى، وهذا الأمر يحتاج إلى متابعة حثيثة لأنّ التهاون يعني التفلّت، والتفلّت يعني انهيار المجتمع.