ولد لكم اليوم المخلص هللويا، اسمه يسوع، هذا هو المعنى للفظة "يسوع" اي "الله يخلص".
في السماء ملائكة ترتل المجد الله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة. تجسد ابن الله لأجل خلاصنا. وعلى الارض ملاك يبشّر رعاة في البراري يسهرون على اغنامهم فأتوا ليروا المخلص: أتوا ورأوا يوسف ومريم ويسوع الطفل بينهما. ولد المخلص "هللويا" "عمانوئيل" صار بيننا.
ومن الشرق ملوك مجوس ساروا تابعين النجم، أتوا ليسجدوا لابن الله الملك يسوع، الذي تجسد وصار انسانا وقدموا له الهدايا من ذهب ومرّ لُبان.
قصّة الميلاد وحب الله للإنسان
الميلاد هو قصة حب الله للإنسان. فبعد ان خرج آدم من الفردوس لم يعد يحوّل مساره صوب الله. والله يبحث عنه كما بحث عن آدم في الفردوس وهو يقول له آدم آدم أين أنت؟.
في ملء الزمن
ارسل الله انبياءه ليعيدوا الانسان اليه، لكن الإنسان في جرح خطيئته لم يقدر على العودة الى الله. وأخيرا في ملء الزمن(غلاطية 4/4) ارسل الله ابنه متجسدا من عذراء ليخلّص الانسان ويفتديه به ويعيده الى الله. لانه هكذا أحب الله العالم حتى أنه ارسل ابنه الوحيد ليفتدي ويخلص العالم، بشخص يسوع ابن الله حصلت الطبيعة البشرية على الخلاص: فتجدّدت وتألّهت وصار الانسان كائنا جديدا دون تغرّب عن انسانيته ودعوة الله له ليعود الى صوته الاولى على شبه صورته.
المحبة وحدها تخلص
وحدها المحبة تخلص الانسان في جميع ابعاده الانتربولوجية والتيولوجية. في علاقته مع ذاته ومع الاخرين ومع الله، "وليس لأحد حبّ أعظم من هذا وهو ان يبذل الإنسان نفسه عن احبائه"(يوحنا 15/13). فيسوع هو القربان والذبيحة وهو المقرب والذبيح.
الميلاد قصة حب
الميلاد قصّة حب وحياة وخلاص وتمجيد وفرح وسلام، فرح بين الناس وسلام على الارض، لان يسوع ابن الله الوحيد الحبيب تجسد وصلب ومات لاجل خلاصنا وفدائنا. الميلاد متّصل ومربوط مباشرة بالصلب والموت والقيامة والخلاص هذا هو فرحنا.
فرح وسلام الميلاد... "تيولوجيا وانتربولوجيا الميلاد"
تأنّس ابن الله ليؤلّه الإنسان، فارتبطت التيولوجيا بالانتربوجيا لفعل حبّ خلاصي ينشر سلاما وفرحا ولم يعد الكون وحيدا بعيدا منفصلا عن الله بل صار الله معنا، انه عمانوئيل الّذي سكن بيننا ورأينا مجده، المجد الوحيد من الانسان ونحن عرفناه ورأيناه ولمسناه واخذنا جسده زادا للطريق.
في الميلاد
في الميلاد السماء مع الملائكة والارض مع الرعاة الفقراء، والكون مع الملوك المجوس اتوا ليلاقوا الله ويروه ويجسدوا له ويقدموا له الهدايا في ليلة ميلاده.
دور الميلاد في حياتنا...
ونحن في الميلاد علينا أن نلاقي الرب يسوع المسيح بفرح وسلام ومغفرة وعطاء ولا نكتفي بالثياب الجديدة والمأكل والمشرب وزينة الاشجار الميلادية وانارتها بالاضواء الجميلة، علينا نحن ايضاً أن نذهب الى اخوتنا الناس الفقراء الجائعين والمحتاجين والمرضى والبؤساء، والناس الموجودين المهملين والغرباء، ونتقاسم معهم لقمة الخبز وكسوة الفرح والابتسامة كي ندخل حقا بالميلاد ونعيشه ونشهد له. فلا يكون لنا ظرفا خارجيا زمنيا عابرا ماديا أنانيا ونرجسياً فقط.
فلنجسد الميلاد بمعناه الحقيقي للاعتراف والقداس والمناولة، ولنلاقيه في اخوتنا للناس ونشهد حقاً ان الميلاد هو محبة وعطاء ومغفرة ومصالحة ومسامحة ،وعيش المحبة والتضامن والمشاركة والاقتسام، "لأن من يقول انه يحب الله الذي لا يراه وهو يبغض اخاه الذي يراه فهو كاذب"، بالمحبّة يولد الميلاد والمسيح يسوع فينا. بالمغفرة، بالمسامحة بالمصالحة بالعطاء يولد المسيح فينا. فليكن ميلاد يسوع رحمة لنا ولوطننا في هذه الأيام الصعبة والخطيرة.
زمن الميلاد... كورونا وتفجير بيروت
في زمن الكورونا هذا الذي يضرب وطننا لبنان والعالم، وفي زمن هذا الفشل والانهيار الاقتصادي والسياسي، وفي زمن كارثة تفجير المرفأ وما أصاب بيروت وأهلها من مصيبة وفاجعة، علينا أن نأتي الى مغارة الميلاد ونطلب من يسوع أن يهدينا الأمان والسلام والخير والطمأنينة، لأنه من فقرنا لم نحمل له أيّة هديّة، بل ننتظر منه أن يهدينا الفرح والامل والرجاء والصحة والسلام والخير ولد يسوع المسيح. هللويا عيد مبارك عليكم.
المستحيل صار ممكنا وواقعا
ولد السلام والرفق واللطف والرحمة والوداعة والحنان. اللامعقول صار معقولاً: ابن الله تأنس ليخلص الانسان ويؤلهّه ويعطيه ميراث الملكوت والجنّة، اذا هو احب وغفر وصالح وسالم وأعطى. عيد مبارك عليكم بالسلام والفرح والخير والمحبة والصحة وراحة البال من هذا الوباء.