لم يمرّ خبر استماع مدعي عام الاستئناف القاضية غادة عون الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مرور الكرام، خصوصا وأن لبنان وبعد السابع عشر من تشرين الأوّل 2019 يمر بأزمات ماليّة متلاحقة بدءًا من تدهور سعر الليرة مقابل الدولار، فتهريب الأموال الى الخارج وغيرها وهذه جميعها مفتاحها البنك المركزي الذي يرأسه سلامة.
الأسبوع الماضي وعندما إنتشر خبر استدعاء القاضية عون لسلامة للاستماع الى شهادته في العاشر من كانون الأول الجاري في ملفّ العلف الذي تطرقت اليه "النشرة" في مقال سابق بعنوان "تُجار علف يهربّون الأموال إلى الخارج ورياض سلامة "الشاهد الملك" قامت الدنيا ولم تقعد لما لسلامة من أهميّة وغطاء سياسي يتمتّع به. يومها وبحسب ما علمت "النشرة" من مصادر مطّلعة فإن "كلّ أنواع الضغوط مورست على القاضية عون لتتراجع عن قرارها في استدعاء سلامة والاستماع الى شهادته، إلا أن الأخير لجأ الى الاعتذار عن الحضور بحجّة أن الموعد سرّب وأمنياً لا يمكنه الحضور".
تلفت المصادر الى أنّ "القانون يسمح بالتأجيل مرّة واحدة ويحقّ للقاضية عون إذا لم يحضر سلامة أن تلجأ الى الإدّعاء عليه أو حتى تطلب إحضاره بالقوّة"، مشيرة في نفس الوقت الى أنّ "خبر حضور سلامة الى مكتب القاضية عون التي استمعت على مدى ساعتين الى شهادته في ملفّ الدولار المدعوم والقروض السكنيّة، كان له الوقع الكبير، خصوصا وان التعاطي الذي ظهر بدا وكأنّ سلامة هو الأهمّ وحتى فوق القانون".
وتتطرق المصادر الى موضوع التصريح الذي أدلت به القاضية غادة عون عبر اطلالة إعلامية واصفة هيئة التحقيق الخاصّة التي يرأسها حاكم مصرف لبنان بأنّها لا تقوم بعملها، وحتى رفضت أن تسلّمها حركة حسابات المتورطين في ملفّ الفيول المغشوش، وقتذاك اعتبرت القاضية عون أنّ هيئة التحقيق الخاصّة تمنع أن تحصّل الدولة نوعا من "غرامات" لما تقوم به من حجب للحسابات. وتلفت المصادر الى أن "القاضية عون نجحت بكسر المحجوب مرسلة جملة رسائل مفادها أن القضاء هو السلطة العليا ويملك كلّ الصلاحيات متى أراد العمل".
تعود المصادر لتتحدّث عن دور القضاء وخصوصا في ملف الأموال المهرّبة الى الخارج، لتشير الى أن النيابة العامة التمييزية التي تتابع الملفّ تنتظر أن تسلّمها هيئة التحقيق الخاصة الحسابات، في حين أن سلامة يتحجّج بالسرّية المصرفية. وتلفت المصادر الى أن "شهادة سلامة دليل على ان الكلّ يجب أن يكون تحت سقف القضاء والقانون، فلماذا لا تحذو النيابة العامة التمييزية حذو النيابة العامة الاستئنافيّة لتتحرّك جدّيًا في اتجاه استعادة الأموال المهرّبة الى الخارج"؟.
رغم كلّ "الحمايات" السّياسية والضغوط مثل سلامة بصفة شاهد، وتشير مصادر قانونيّة الى أنّه "وفي حال كانت هناك دلائل على ارتكابات لاخطاء أو تورطه في ملفّي الدولار المدعوم أو القروض السكنيّة، فإنّه يمكن للنيابة العامة الاستئنافيّة أن تلجأ للادّعاء عليه، واذا ثبتت الاتّهامات قد تصل العقوبة الى السجن".
إذا، نجحت القاضية عون حيث فشل غيرها، فهل تنجح في تصويب مسار ملف الدولار المدعوم تحديداً، وتنقذ ما يمكن انقاذه؟!.