تخطو القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، نحو تحصين الموقف الفلسطيني الداخلي، وتنسيقه مع الدول العربية، ودعمه من الدول الصديقة في العالم، بمرحلة حساسة جداً، تشهد تغييراً بارزاً في ضوء ما أفرزته الانتخابات الأميركية بفوز المُرشح «الديمقراطي» جو بايدن، والخسارة المُدوية التي مني بها الرئيس دونالد ترامب، الأكثر تحيزاً من بين الرؤساء الأميركيين لصالح الكيان الإسرائيلي.
فيما يجهد الاحتلال الإسرائيلي إلى الإسراع بتنفيذ خطواته التصعيدية، في طليعتها ما يُعزز الاستيطان، مُستفيداً من الأيام المُتبقية من ولاية الرئيس ترامب، ومُحاولة فرض أمر واقع أمام إدارة الرئيس بايدن.
فقد حددت اللجنة التنفيذية لـ«مُنظمة التحرير الفلسطينية»، خلال اجتماع عقدته برئاسة الرئيس عباس، مساء أمس الأول (السبت)، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، الأُسس التي على أساسها ستعيد العلاقات مع الولايات المُتحدة الأميركية الجديدة، بعد تسلم الرئيس بايدن مقاليد الحكم، وذلك بعد قطيعة مع إدارة الرئيس ترامب منذ 3 سنوات، بعد إعلان قراره نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها عاصمة مُوحدة للدولة اليهودية، وما تلاها من قرارات وصولاً إلى «صفقة القرن» ومُندرجاتها.
يتمثل ذلك بإعادة افتتاح مكتب «مُنظمة التحرير الفلسطينية» في واشنطن، والقنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ورفض الضم والاستيطان، وإعادة المُساعدات بأشكالها المُختلفة للشعب الفلسطيني، بما فيها دعم وكالة «الأونروا»، وحل الدولتين، والعمل مع المُجتمع الدولي لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال عقد مُؤتمر دولي بمُشاركة الرباعية الدولية وتوسيع المُشاركة به تحت مظلة الأُمم المُتحدة واستناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
كما أكدت اللجنة التنفيذية على «ضرورة الالتزام الكامل من قبل الفصائل كافة، بما أقره اجتماع الأمناء العامّين بتاريخ (3/9/2020)، وجرى التأكيد عليه في لقاء اسطنبول بإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بالتتابع».
وشكلت اللجنة التنفيذية للمُنظمة، لجنة تحضيرية لعقد المجلس المركزي الفلسطيني، ستعقد اجتماعاً لها خلال أيام من أجل التحضير لعقد اجتماع المجلس المركزي، ودراسة الوقت المُناسب لعقده في أسرع وقت مُمكن، في ظل الأوضاع الراهنة، وضرورة مُواجهة التحديات التي تُواجه الشعب الفلسطيني، وتهيئة الأجواء لتعزيز الوحدة الوطنية وترتيب الأوضاع الداخلية.
توازياً، عقد اجتماع ثلاثي في العاصمة المصرية، القاهرة، بمُشاركة وزراء خارجية: مصر سامح شكري، الأردن أيمن الصفدي، وفلسطين رياض المالكي، لتنسيق المواقف، وتبادل وجهات النظر حول التطورات والقضايا الإقليمية.
وأكد الوزراء الثلاثة «عمق العلاقات بين الدول الشقيقة الثلاث، والحرص على تطويرها في مُختلف المجالات، وعلى استمرار تنسيق المواقف إزاء الأوضاع الإقليمية، بما يخدم المصالح المُشتركة والقضايا العربية، ويُعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن القضية الفلسطينية، هي القضية العربية المركزية».
وشددوا على «أن قرارات الشرعية الدولية، وآخرها القرار 2334، ومُبادرة السلام العربية، تُمثل المرجعيات المُعتمدة للتفاوض، باعتبار التفاوض السبيل الوحيد لاحلال السلام».
في غضون ذلك، أطلق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حملته الانتخابية، مُستغلاً تلقيه لقاح «كورونا» مساء أمس الأول (السبت) في بث مُباشر أمام محطات التلفزة الإسرائيلية، ليكون أول إسرائيلي يتلقى اللقاح في «مُستشفى شيبا تل هشومير» في تل أبيب، بهدف تشجيع المُواطنين بالحصول عليه، من بين آلاف الإسرائيليين المُسجلة أسماؤهم لتلقي التطعيم، الذي انطلق أمس (الأحد)، في ظل الارتفاع الحاد لأعداد المُصابين بالفيروس، ليكون الكيان الإسرائيلي أول دولة تلقح جميع مُواطنيها المُعرضين للخطر.
هذا في وقت احتشد فيه المُتظاهرون للأسبوع الـ26 أمام «مُستشفى شيبا»، حين كان نتنياهو يتلقى اللقاح، وغابت التظاهرات من أمام مقر اقامته أو منزله.
يُحاول نتنياهو الاستفادة من اللقاح، لأن ذلك سيُشكل عاملاً حاسماً في اتخاذ القرارات التي ستُؤثر على الاقتصاد وسبل العيش.
فيما نائب رئيس الحكومة وزير الأمن ورئيس حزب «أزرق أبيض» بيني غانتس، فإنه كمن «يبلع الموس»، إذا وافق على الاستمرار بالحكومة وانقاذ نتنياهو والخضوع لابتزازه، ستتحول التظاهرات ضده، وقد توجه المُتظاهرون إلى منزله مُطالبينه عدم التنازل لنتنياهو، والاستمرار بالتصويت على حل «الكنيست».
وإذا استمر بتأييد حل «الكنيست»، فلن يكون مُنافساً لتشكيل الحكومة، لأن استطلاعات الرأي أظهرت تراجع تمثيله حزب «ازرق أبيض»، وأعطته بين 6-7 مقاعد، بينما يتمثل الآن بـ14 مقعداً.
وانتقل الخلاف بين الكتل الإسرائيلية إلى داخل «كابينيت كورونا»، الذي عقد جلسة له أمس (الأحد)، ولم يتوافق أعضاؤه على قرار بشأن تشديد الاجراءات، ومنها إغلاق «مطار بن غوريون».