لا قدرة لأحد على رسم سيناريو للإقليم، ولا إستبعاد الحرب أو الحديث عن إيقاعها المُفترض في حال وقعت. لكن المعطيات السياسية تشير إلى انّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تُقدم على فرض مواجهات عسكرية في الإقليم، في حال لجأت عواصم على تقديم مبررات لتلك الإدارة. ما يخشاه ترامب هو أن يُقدم على إتخاذ قرار لشن حروب تضر بشعبيته التي فاقت سبعين مليون أميركي داخل الولايات المتحدة، بحسب نتائج الإنتخابات الرئاسية الأخيرة. لكن ترامب نفسه سيتخذ قرار الحرب ضد أي دولة، في حال قدّم لجمهوره مبررات مقنعة لم تتوافر حتى الساعة في الإقليم.
ومن هنا يرجح المطّلعون الاّ تقوم ايُّ قوة إقليمية بإستفزاز ترامب، رغم محاولاتها بعث رسائل عسكرية موجهة لخلفه الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، كإستهداف منطقة السفارة الأميركية في العراق على سبيل المثال. لذا، لم تحصل ردود إقليمية عسكرية او أمنية وازنة على الاستهدافات الأميركية التي حصلت في الأشهر الماضية، وكانت تسعى من خلالها إدارة ترامب على جر إيران إلى مواجهة واسعة.
لكن بحسب المعلومات، فإنّ السكون الإقليمي لن يستمر طويلاً: سيحصل تغيير في قواعد الإشتباك المعتمدة حالياً في اول يوم يستلم فيه جو بايدن الرئاسة الأميركية. قد يشتد النزاع في العراق وشرق سوريا واليمن وفلسطين وغيرها من ساحات الإقليم، لفرض واقع جديد يسمح للقوى ذاتها أن تُجبر البيت الأبيض على الرضوخ لشروط وسلوك طريق تسووي سياسي، وإغلاق ملف العقوبات الأميركية، تحت طائلة ضرب مصالح بلاده في الإقليم.
هل يتحمل بايدن الآتي الى السلطة ضغوطاً بهذا الحجم المُفترض؟ هو يضع الأولوية في جدول اعماله واهتماماته للداخل الأميركي الذي يعاني صحياً واقتصادياً واجتماعياً، في ظل وجود جبهة شعبية ترامبية متينة ستشاكس ادارة بايدن. لن يكون الإقليم اساساً في سياسة سيد البيت الابيض الجديد، في وقت يتعرض الدولار لضغوط هائلة، وبدأت بعض الولايات تفكّر بالإنفصال عن الإتحاد الأميركي.
سيجد بايدن نفسه أمام واقع داخلي صعب، يتطلب منه تكريس كل جهوده ونشاط ادارته لمعالجة الهموم والهواجس الشعبية الأميركية، بينما ينهش فايروس كورونا بالمجتمعات ويفرض أزمات ستطول تداعياتها السلبية في العالم.
فهل يسخن الإقليم بعد تسلم بايدن؟ بالتأكيد لن يبقى على حاله، ليتكوّن سؤال إضافي مهم: الى متى تبقى السخونة المرتقبة؟ وحده التعامل الأميركي الجديد سيحدد المسار. فإذا مضى بايدن بسياسة التسويات على كل المستويات، ستتراجع الأزمات السياسية الإقليمية والعالمية بعد ان كان ترامب أشعل ازمات عابرة لعواصم العالم.
اما في لبنان، فإذا فشلت المساعي القائمة حالياً في إستيلاد تسوية سياسية لتأليف حكومة جديدة، فسيدخل البلد في مسار مجهول، لذا يقولون إن الفصل سيكون في لقاءات الاسبوع الجاري: اما الحلّ السياسي وامّا الفوضى المتدرجة. بإعتبار ان فشل الخطوات الحالية سيقود الى ربط لبنان بالإقليم. ومن هنا يمكن القول إن السخونة الإقليمية المفترضة وعدم الوصول الى اتفاقات دولية سيُكرس لبنان في المجهول.