أكدت قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري أن "الاحتفال هذه السنة بالذات وفي هذه الظروف واجب، فهو فعل إيمان ورجاء، وما أحوجنا الآن إلى مثل هذه البشرى بميلاد يسوع، حيث واقعنا يسوده الظلام واليأس والقنوط، والبرود الروحي والتباعد الاجتماعي الذي فرضه الوباء اللعين، فألبس أعيادنا الحداد وأحال فرحتنا حزنا".
وخلال احتفال لقائمقامية جبيل بتبريك شجرة الميلاد وإضاءتها في البهو الداخلي للسرايا، لفتت الخوري إلى أنه "نجتمع للاحتفال حول شجرة العيد التي قصدت أن تحتضن وطننا الجريح والمقهور والمعذب. لقد تضافرت على شعبه الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، فالمصائب تأبى دائما أن تأتي فرادى، لكننا لن ندع اليأس يتسلل الى قلوبنا، ونحن في زمن المجيء والخلاص، فبميلاده أزال الرب يسوع الحقد والبغضاء، وصالحنا مع الله. لقد أتى عالمنا لينشر فيه الحب وليبث في نفوسنا الرجاء".
كما تمنت "في هذا العيد ألا نفقد الثقة بالغد على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والصحية، فثقتنا نستمدها من مصدرين: إيماني وتاريخي. فمن ناحية الايمان، كلنا أبناء الله والرجاء، وإيماننا ثابت بأن هذه الحياة الدنيا انما هي دار ممر لا دار مقر، وبعدها الحياة الأبدية، والله معنا دائما، وهو خير حافظ. أما من ناحية التاريخ، فنحن أبناء لبنان، وقدر هذا البلد دائما كان أن يصارع الأحداث ويصرعها، أو ليس طائر الفينيق المنبعث حيا من رماده شعار هذا الوطن؟".
ونوهت الخوري بـ "دور القادة الروحيين الذين من تعاليمهم ننهل الايمان ومحبة الآخر، والقادة الأمنيين الذين يوفرون الأمن والطمأنينة لجميع اللبنانيين، والجسم الطبي والتمريضي الذي ارتفع الى أسمى درجات التضحية والعطاء في ظل ظروف صحية بالغة الصعوبة والخطر، والزملاء في العمل الذين يقدمون الخدمة العامة المنزهة عن الأهواء"، سائلة الله أن "يحفظ وطننا لبنان وشعبه ويفيض علينا جميعا بالخير والأمان والسلام والطمأنينة".
بدوره، شكر راعي الأبرشية المطران ميشال عون لـ "الخوري مبادرتها تبريك شجرة العيد ومن خلالها مدينة جبيل وقضائها وكل ابنائه"، مشيرا إلى أن "عيد الميلاد هو عيد التلاقي والمحبة والسلام. كم نتمنى أن يحمل هذا العيد هذه القيم لكل أبنائنا ويساعدنا لنعيشها، رغم الظروف الصعبة التي نمر بها في هذه الأيام".
وشدد عن على أنه "في نشيد الملائكة الذي أنشد ليلة الميلاد، يحكى عن الرجاء الصالح لبني البشر الذي اعلنه الملاك. واليوم، أعلن هذا الرجاء للجميع إذ في خضم الازمات والصعوبات التي نمر بها أسهل شيء على الانسان أن يفقد الرجاء ويدخل في الخوف والتفكير بالهجرة. ولذلك، ندعو إلى التمسك بإيماننا ووطننا وأرضنا وأن نسعى إلى العيش حقيقة كأخوة مع بعضنا البعض من أجل بناء الوطن بالمحبة والاخوة والسلام".
كما لفت إلى أنه "نصلي الى الرب كي يحمي جميع اللبنانيين في خضم وباء كورونا العالمي لنلتقي دائما، رغم التباعد الجسدي، وليس الاجتماعي، لاننا سنبقى مجتمعين مع بعضنا البعض، وأن تمر هذه الازمة بسلام ويحمل لنا العيد الخير والبركة والسلام للبنان وجميع أبنائه".
بموازاة ذلك، أكد مسؤول "حزب الله" في كسروان وجبيل الشيخ حسين شمص أن "العيد يأتي هذه السنة في ظروف قاهرة وخطيرة تمر على وطننا لبنان، فالدعاء مطلوب، وكذلك الرجاء والاتكال على الله أيضا، لكن الشيء الذي يسدد ويوفق من قبل الله هو أن نعمل لا أن ننتظر الآخرين يعملون لنا. لبنان يحتاج اليوم الى سواعد ابنائه، لا ان ننتظر من يساعدنا ويطعمنا، فلا بد أن تكون ارادة العطاء موجودة عندنا ونستلهمها من تعاليم السيد المسيح والانبياء، حيث كان يمسح على رأس اليتيم ويبلسم جراح الفقراء، وكان قدوة متواضعة للآخرين ويعلمهم".
وشدد شمص على "أهمية التكاتف مع بعضنا البعض، وأن نفتح قلوبنا لبعضنا البعض، لا أن يتعامل كل واحد مع الآخر من منطق انا وانت، وأن نلعن الطائفية والمذهبية، فالطوائف نعمة، أنا الطائفية فنقمة. إن لبنان لا يبنى، إلا بتضامن جميع أبنائه مع بعضهم البعض وبتربية اجيالنا على المواطنة الصحيحة. هذا العيد هو لحظة تأمل وتفكير في كيفية التخطيط لمساعدة الفقراء من أبناء هذا الوطن، حيث أن جميعنا متفق على أن البلد مفلس".
وأعرب عن تمنياته بأن "تكون لدينا دولة في لبنان ومؤسسات، ونبنيها، لكن الأمر الوحيد الذي يساعد في أن يكون لبنان في مقام الرسالة هو الدولة القوية العادلة. وإذا أردنا أن نستمر فلا بد أن نتكاتف بمحبة المسيح وآلامه وجرحه وحبه للآخرين وبحب الانبياء لبعضهم البعض وللناس جميعا، فالاديان متلاقية، ولكن نحن نشرذم بعضنا البعض".
كما تطرق إلى "الدور الناجح للاغتراب اللبناني في العالم"، لافتاً إلى أنه "بسواعدنا وإرادتنا نبني وطننا. ونسأل الله أن يمن علينا بالامن والسلام والامان، وأن تبقى المحبة موجودة في قلوب الجميع لأن اليأس ممنوع".