طوال الفترة الماضية، كان رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان يراهن على قدرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بشكل أساسي، على تعديل وجهة نظر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بالنسبة إلى حجم الحكومة العتيدة، نظراً إلى أنّ الحريري، إنطلاقاً من تفاهمه مع رئيس "الحزب التقدّمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط قرّر الذهاب إلى تشكيلة من 18 وزيراً، ما يعني أن حصّة الطائفة الدرزية ستقتصر على وزير واحد يدور في فلك "الإشتراكي".
في هذا السياق، لم يكن طرح أرسلان يقتصر على رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 20 وزيراً، كما حاول البعض الإيحاء، نظراً إلى أنّ حصول الدروز على وزيرين يمكن أن يكون عبر تشكيلة من 16 وزيراً، وبالتالي الإصرار على 18 وزيراً هدفه الأساسي إبعاده عن الحكومة لا التفكير في تشكيلة مصغّرة، بدليل أن رئيس الحكومة المكلّف كان، قبل الإستشارات النيابية الملزمة، قد عمد إلى إستبعاده من المشاورات التي أجراها مع عدد من الشخصيّات التي تنتمي إلى قوى الثامن من آذار، كرئيس الكتلة "القومية الإجتماعية" النائب أسعد حردان ورئيس حزب "الطاشناق" هاغوب بقرادونيان.
اليوم، بات من شبه المحسوم أنّ الإتفاق تمّ على تشكيلة حكومية من 18 وزيراً، وبالتالي لم يعد من الممكن الرهان، على الأرجح، على تبدّل وجهة نظر الحريري، الأمر الذي دفع رئيس "الديمقراطي" إلى توجيه رسالة عالية السقف إلى الحلفاء والخصوم، عنوانها: "الليبيطلعمنّانحنامنطلعمنّو"، في مؤشر على أن تجاهل مطلبه لن يمر مرور الكرام بالنسبة إلى العلاقة مع الحلفاء، على قاعدة أن سعي الخصوم إلى إقصائه أمر طبيعي.
على هذا الصعيد، قد يكون من المنطقي الحديث عن أن "التيار الوطني الحر" هو المعني الأول بهذه الرسالة، بسبب التحالف القائم بين الجانبين، من دون تجاهل أن التيار هو الذي كان يخوض معركة تمثيل "الديمقراطي" بعد تلك الإنتخابات، كما حصل لدى تشكيل حكومة سعد الحريري التي سبقت الإنتفاضة الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، بينما تولى "حزب الله" خوض معركة تمثيل النواب السنة المستقلين، إلا أنها لا تستثني باقي الحلفاء.
حتى الآن، ليس هناك من يطرح تمثيل النواب السنّة المستقلين، ربّما لأنّ المفاوضات لم تصل إلى هذه المرحلة أو لأنّ "حزب الله" غير راغب في خوض معركة تظهره كمعرقل، فما التداعيات المحتملة لهذا الأمر على مستوى العلاقة مع الحلفاء، لا سيما "التيار الوطني الحر"، الذي يتشارك معه في عضوية تكتل "لبنان القوي"؟.
الرسالة الأرسلانيّة إلى رئيس الحكومة المكلّف ليست بالحجم نفسه التي توجهت به إلى الحلفاء، بالرغم من التصويب عليه في أكثر من مناسبة، فالحريري ليس حليفاً لرئيس "الديمقراطي"، في حين أن حلفاء أرسلان يضعون الأمر في سياق الظروف التي لا تساعد على تأمين تمثيله، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي من المفترض تفهّم هذا الأمر، خصوصاً أنّ البلاد لم تعد تحتمل المزيد من التأخير، لكن أبعد من ذلك يتحمل رئيس "الإشتراكي" جزءاً من المسؤولية، فهو وافق على هذا الأمر، كي يحصر التمثيل الدرزي بحزبه.
في الختام، تُصر أوساط "الديمقراطي" على وضع الموضوع في إطار الإجحاف في حق الطائفة لا الحزب، حيث من غير المقبول أن يقتصر تمثيل طائفة مؤسّسة للكيان على وزير واحد، في ظل التراجع القائم على مستوى تمثيلها في إدارات الدولة، وتشدّد على أنّ هذا الأمر لن يمرّ مرور الكرام، لكنها تفضّل إنتظار ولادة الحكومة حتى يُبنى على الشيء مقتضاه، خصوصاً أنّ العراقيل التي تحول دون ولادتها لا تزال قائمة.