لفت المطران أنطوان شربل طربيه، إلى أنّ "اليوم في عيد الميلاد، نقف أمام طفل المغارة متأمّلين وجهه الإلهي، والدهشة في عيوننا، والرجاء يملأ قلوبنا، إذ نرى وعد الله بالخلاص يتحقّق، والنبوءات تتمّ، وانتظارات الشعوب والأمم تصل إلى كمالها، لأنّ كلمة الله صارت إنسانًا وحلّت بيننا هللويا"، مركّزًا على أنّ "عيد الميلاد هو أكثر من يوم وأكبر من حدث، إنّه نبع الرجاء الصالح في كلّ يوم، والنور الّذي يكشح الظلمات من أمامنا في كلّ زمان ومكان".
وأشار في رسالة وجّهها إلى أبناء الكنيسة المارونية في أستراليا، بمناسبة عيد الميلاد 2020، إلى أنّ "الله قد فعل كلّ شيء حتّى المستحيل من أجل الإنسان، فأخلى ذاته وتجسَّد من مريم البتول، ودخل إلى عالمنا المحدود وهو الاله اللامحدود، ليخلّص البشر من خطاياهم ويفتح أمامهم طريق الملكوت السماوي".
وشدّد طربيه على أنّ "اسم يسوع الّذي يعني الله يخلص، هو أيضًا علامة انتماء الله إلى العائلة البشريّة، ليفتح لنا المجال لكي ننتمي إلى عائلته الالهية. ولكنّه لا يستطيع أن يدخل إلى حياتنا وقلوبنا، إذا لم نفتح له الباب، باب الإيمان الراسخ بأنّه هو وحده الخلاص والحق والحياة"، منوّهًا إلى أنّه "فعلًا رجاؤنا المتجدّد كلّ يوم، إنّه الرجاء الصالح لبني البشر حتّى في أصعب الظروف والأوقات".
وأوضح أنّ "الإنسان عاش والبشريّة معاناة وتحدّيات كثيرة خلال سنة 2020. فجائحة "كورونا" الّتي اجتاحت العالم وسبّبت موت أكثر من مليون ونصف مليون شخص، وشلّت الاقتصاد العالمي وخلقت حالةً من الهلع والخوف، أَدخلت تغيّرات أساسيّة ليس على العلاقات الإنسانيّة وحسب، إنّما أيضًا على طريقة العمل والتعليم. فالتعلّم والعمل عن بُعد يؤكّدان أنّ العالم بعد "كوفيد 19" سيكون مختلفًا عمّا كان عليه قبله". وبيّن أنّه "لا يسعنا في هذا العيد إلّا أن نصلّي لله لوضع حدّ لهذه المأساة العالميّة، وقد بدأت بشائر معالجتها عن طريق وضع لقاح مضمون النتائج، آملين أن يتماشى مع القيم المسيحيّة والمبادئ الأخلاقيّة، حفاظًا على كرامة الإنسان وقدسيّة الحياة".
وأكّد أنّه "لا يمكننا في هذا العيد إلّا أن نتضامن أكثر فأكثر مع اللبنانيّين الّذين يعيشون مأساةً لا مثيل لها في تاريخ لبنان المعاصر. فبالإضافة إلى الأزمة السياسيّة والفساد المستشري في الدوائر الحكوميّة ومؤسّسات الدولة منذ عقود، جاء انفجار مرفأ بيروت، ليزيد من معاناة اللبنانيّين وآلامهم، ليسقط لما خلّفه من ضحايا ودمار كبيرَين، ويأس في النفوس وحزن في القلوب، إنّما لتلكوء المعنيّين عن تحديد هويّة المسؤولين وكشف ملابسات هذه الجريمة المروّعة في حقّ بيروت ولبنان والإنسانيّة جمعاء".
وذكر أنّ "عيد الميلاد هذه السنة يأتي في الوقت المناسب، ليقول لكلّ الّذين يعيشون معاناة شخصيّة أو جماعيّة، أنّ هناك رجاءً دائمًا وثابتًا، اسمه يسوع المسيح، وأنّ إيماننا به يقودنا إلى التفكير والتضامن مع اخوتنا الفقراء والمهمّشين والمتألمين. وفي ذلك تجسيد حقيقي لمعنى الميلاد".