خوفاً من الإنفجار الشعبي الذي يمكن أن يترجم في الشارع إعتراضاً على ما بات يعرف بخطة ترشيد الدعم التي تعدها حكومة تصريف الاعمال برئاسة حسان دياب، يبدو أن تنفيذ هذه الخطة أصبح بحكم المؤجل ولأسباب عدة.
بالنسبة الى المحروقات، تنص الخطة التي تمت مناقشتها في السراي الحكومي على تخفيض نسبة دعم البنزين من قبل مصرف لبنان، من ٨٥٪ الى ٧٠ او ٦٠ ٪ وذلك بعد دراسة الإحتمالين.
إذا ذهبت الحكومة الى تخفيض الدعم من ٨٥ الى ٧٠ بالمئة يرجح أن يرتفع سعر صفيحة البنزين من حوالى ٢٥٠٠٠ الى حوالى ٣٠ أو ٣٢ ألف ليرة وذلك تبعاً لما ستشهده أسعار النفط عالمياً.
وإذا قررت الحكومة تخفيض الدعم من ٨٥ الى ٦٠٪ يرتفع سعر صفيحة البنزين ٩٥ اوكتان من حوالى ٢٥٠٠٠ الى حوالى ٣٥ ألف ليرة.
رفع الدعم سيقتصر على مادة البنزين فقط لأن المجتمعين وصلوا الى قناعة بأن المازوت يشكل مادّة الفقراء، مادة التدفئة والزراعة والصناعة، وبالتالي لا يجب أن يشمله تخفيض الدعم، ما يعني أن أسعاره ستبقى على حالها.
وفي إطار تفسير عدم البدء بتنفيذ الخطة، تعتبر مصادر متابعة للملف أن الحكومة الحالية أي حكومة تصريف الأعمال لا تريد أن تتحمل بمفردها التبعات الإجتماعية والإقتصادية لرفع الدعم وما يمكن أن ينتج عنه من إنفجار شعبي في الشارع، لذلك، تصر على أن يناقش مجلس النواب الخطة ويقرها، عندها تصبح الكتل النيابية وما تمثله سياسياً مسؤولة عن تبعات تخفيض الدعم لا حكومة دياب لوحدها، والتي لم يبق من عمرها إلا القليل القليل.
في موازاة ذلك هناك من يهمس في السراي بأن دياب يؤجّل قدر الإمكان البدء بتطبيق خطة تخفيض الدعم، علّ أن يؤدي هذا التأجيل الى ولادة حكومة سعد الحريري، وعندها فلتتحملّ الأخيرة أمام الشعب اللبناني مسؤولية تخفيض الدعم وتبعاته.
هذا بالنسبة الى المحروقات، أما بالنسبة الى لقمة عيش المواطن، فيبدو أن الحكومة صرفت النظر عن ترشيد الدعم على الطحين، وعلى الرغم من ذلك، سيرتفع سعر ربطة الخبز مع بداية العام الجديد، وذلك للسبب التالي؛ عندما تلقى لبنان هبة الأطنان من الطحين العراقي، وزعت وزارة الإقتصاد الهبة على المطاحن التي قامت بدورها بتوزيعها على الأفران. كيف؟
عندما يطلب صاحب الفرن من المطحنة طناً من الطحين، عليها أن تسلمه نسبة 25% منه أي 250 كيلوغراماً من دون مقابل مادي وتكون هذه النسبة من الطحين العراقي، تبقى نسبة 75% أي 750 كيلوغراماً على صاحب الفرن أن يدفع ثمنها للمطحنة 684 ألف ليرة وبالتالي يكون صاحب الفرن وبسبب الهبة العراقية قد تسلم طناً من الطحين ودفع سعر 750 كيلوغراماً فقط.
طحين الهبة العراقية سينفذ في الخامس أو السادس من كانون الثاني المقبل كحد زمني أقصى، بعدها لن تسلم المطاحن الأفران طن الطحين بأقل من 850 ألف ليرة الأمر الذي سيدفع أصحاب الأفران الى رفع سعر ربطة الخبز 900 غرام من 2000 الى 2500 ليرة أي بإرتفاع 500 ليرة عن سعرها الحالي.
لكل ما تقدم، المطلوب أولاً وثانياً وثالثاً حكومة جديدة واعية وليس على غرار سابقاتها تبدأ بتنفيذ الإصلاحات بهدف الحصول على مساعدات خارجية، وإلا سيتجه لبنان نحو جهنّم كما قال يوماً رئيس الجمهورية. فهل يعي سعد الحريري هذه المسؤوليّة وهو من وَعَدَ ثمّ عاد ليبرّر ويتحجّج ولم يفِ بوعوده؟!.