لفت رئيس اللجنة الأسقفية "عدالة وسلام" المطران شكرالله نبيل الحاج، إلى أنّ "منذ العام 1968، وفي مطلع كلّ عام جديد، يتوجّه البابا فرنسيس إلى العالم برسالة عامّة، إحتفالًا باليوم العالمي للسلام. هكذا قدّم البابا فرنسيس رسالة اليوم العالمي للسلام الـ54، في الأوّل من كانون الثاني من العام 2021 بعنوان " ثقافة الرعاية: مسار للسلام"، متمنّيًا أن يشهد هذا العام تقدّم البشرية في درب الأخوة والعدالة والسلام بين الأفراد والشعوب والدول".
وأشار في مؤتمر صحافي في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، قدّم فيه رسالة البابا فرنسيس، إلى أنّ الأخير "لفت إلى أنّ العام 2020 قد إتّسم بالأزمة الصحيّة الكبيرة الّتي سبّبها "كوفيد 19"، والّتي أدّت إلى تفاقم الأزمات المترابطة في ما بينها، مثل أزمات المناخ والغذاء، والأزمات الاقتصاديّة، وتسبّبت للكثيرين بالمعاناة الشاقّة، وعلى رأسهم الّذين فَقدوا أحد أفراد أُسرتهم أو شخصًا عزيزًا، وكذلك الّذين فَقدوا وظائفهم. وخصّ بالذكر الأطبّاء والممرّضات والصيادلة والعلماء والمتطوّعين والكهنة المرافقين وموظّفي المستشفيات والمراكز الصحيّة؛ الّذين بذلوا قصارى جهدهم وما زالوا يقومون بجهود وتضحيات كبيرة إلى حدّ الموت".
وأوضح المطران الحاج أنّ "في الفقرتين الثانية والثالثة، ألقى البابا فرنسيس الضوء على الله الخالق، الّذي هو في أصل دعوة الإنسان إلى الرعاية وهو مثال الرعاية. أمّا الفقرتان الرابعة والخامسة فقد خَصّصهما لموضوع الرعاية في خدمة يسوع، ولثقافة الرعاية في حياة أتباعه"، مركّزًا على أنّ حياة يسوع وخدمته تجسّدان ذروة تجلّي محبّة الآب للبشريّة، فهو الّذي كرّسه الرب وأرسله "ليبشّر الفقراء ويعلن للمأسورين تخليتهم وللعميان عودة البصر إليهم ويفرج عن المظلومين". غَفر للخطأة ومنحهم حياة جديدة. إنّ يسوع هو الراعي الصالح الّذي يعتني بالخراف؛ إنّه السامري الصالح الّذي ينحني على الجريح ويشفي جراحه ويعتني به".
وذكر أنّ "في ذروة رسالته، ختم يسوع عنايته بنا باذلًا ذاته على الصليب، فحرّرنا من عبودية الخطيئة والموت. وإنّ أعمال الرحمة هي نواة محبّة الكنيسة الأولى وخدمتها. وتنقل السجلّات التاريخيّة أمثلةً لا تُحصى من أعمال الرحمة، إذ نشأت العديد من المؤسّسات المسيحيّة لتلبية جميع الحاجات الإنسانيّة: المستشفيات، ومساكن الفقراء، ودور الأيتام". وبيّن أنّ "ثمّ، انتقل البابا فرنسيس إلى مبادئ العقيدة الإجتماعية للكنيسة الّتي تشكّل أساسًا لثقافة الرعاية. وتحدّث عن "قواعد" الرعاية الّتي أصبحت القلب النابض لعقيدة الكنيسة الاجتماعية أي: "تعزيز كرامة كلّ إنسان، والتضامن مع الفقراء والعزل، والاهتمام بالخير العام، والحفاظ على الخليقة". هكذا تصبح الرعاية بمثابة تعزيز لكرامة الشخص وحقوقه. ومن هذه الكرامة تشتق حقوق الإنسان".
وشدّد على أنّ "هنا ربط البابا مفهوم رعاية الخير العام بجائحة "كوفيد 19"، الّتي أدركنا إزاءها "أنّنا كلّنا على متن القارب نفسه، جميعنا ضعفاء ومرتبكون، ولكن في الوقت عينه، مهمّون وضروريّون ومدعوّون جميعًا إلى البقاء معًا، لأنّ لا أحد يخلص نفسه بنفسه". وتكون الرعاية من خلال التضامن الّذي يعبّر بشكل ملموس عن محبّتنا للآخر، الّتي ليست شعورًا بتعاطف مبهم، بل "عزمًا ثابتًا ومثابرًا على العمل من أجل الخير العام، أي من أجل خير الكل وكلّ فرد لأنّنا جميعنا مسؤولون حقًّا عن الجميع".
كما أفاد الحاج، بأنّ "البابا فرنسيس دعا المسؤولين عن المنظّمات الدولية والحكومات، والعالم الاقتصادي والعلمي، وعالم التواصل الاجتماعي والمؤسّسات التعليميّة، إلى تبنّي بوصلة المبادئ المذكورة أعلاه. ومن خلال هذه البوصلة، شجّع الجميع على أن يصبحوا أنبياء وشهودًا لثقافة الرعاية". ونوّه إلى أنّ "البابا ينهي رسالته بفقرتين يشدّد فيهما على ضرورة تعزيز ثقافة الرعاية، الّتي تتطلّب بدورها عمليّة تربويّة، تنشأ في الأسرة ثمّ في المدارس والجامعات، وكذلك من خلال التواصل الاجتماعي. ويختم بقوله ما من سلام من دون ثقافة الرعاية، وبصرخته: "هناك حاجة إلى صانعي سلام مستعدّين للشروع في عمليّات الشفاء والتلاقي، ببراعة وجرأة"، وللتقدم نحو أفق جديد من المحبة والسلام والأخوّة الّتي تعتني ببعضها البعض". ولفت إلى أنّه "دعانا إلى أن نرفع نظرنا إلى مريم العذراء، نجمة البحر وأم الرجاء، في اليوم الأول من العام الجديد الذي تكرسه الكنيسة الكاثوليكية عيدا لمريم أم الله".
مع الإشارة إلى أنّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، سيترأس دّاس السلام الساعة العاشرة قبل ظهر الأحد 3 كانون الثاني 2021، في الصرح البطريركي - بكركي، وهو على نيّة كلّ من عانى واعتنى بضحايا انفجار مرفأ بيروت في 4 آب.