يُقال أن العام 2020 كان عاماً استثنائياً من حيث الصعوبة على مستوى العالم أجمع، وفي لبنان كانت الصعوبة مضاعفة، لأنّ الوضع الصحي المتعلق بفايروس كورونا لم يكن أصعب من الوضع الإقتصادي المتردّي، والانهيار الجزئي لليرة اللبنانية، والوضع السياسي الكارثي وسقوط الحكومة وانفجار 4 آب الذي شكّل كارثة إنسانية على كل المستويات.
إن هذا الواقع الصعب انعكس على ظروف عمل وحياة الصحافيين في لبنان، فمع كل أزمة جديدة يزداد "صراخ" هذا القطاع الذي يعاني الأمرّين جرّاء تبدّل سعر الصرف من جهة، وغياب المعلنين من جهة ثانية، بحيث باتت المؤسسات الإعلاميّة قاصرة عن تلبية أبسط متطلبات العمل. وفي هذا السياق يشير الإعلامي يزبك وهبة إلى أن وضع الصحافيبين في لبنان هذا العام كان صعباً للغاية من نواحٍ عديدة، تبدأ من الإرهاق الذي بدأ نهاية العام الماضي واستمر في 2020 لمواكبة "الثورة" والعمل الميداني لساعات طويلة جداً، والتعرض للإصابات جرّاء التظاهرات والحجارة، ولو عن غير قصد.
ويضيف وهبة في حديث لـ"النشرة": "بعدها جاءت أزمة الدولار والوضع الإقتصادي، فانهارت رواتب العاملين بالليرة، ومن كان يقبض بالدولار أصبح يقبض بالليرة على أساس سعر الصرف 1500 ليرة، فانخفضت قيمة الرواتب 80 بالمئة، وهذا ما جعل المعاناة أكبر خصوصاً لمن لا يملكون مدخولاً ثانياً، ولا يعملون في مؤسسات إعلامية أجنبيّة"، مشيرا إلى أنّ "الأعباء زادت مع وصول جائحة كورونا"، مشدّداً على أن "عام 2020 كان عام التحدي ونأمل أن لا يستمر الواقع الحالي لأنه صعب جداً".
عندما نتحدث عن الصحافيين ننسى أن المصوّرين الفوتوغرافيين هم أيضاً من الجسم الصحافي، ومعاناتهم ربما أصعب من غيرهم لانّ هذه المهنة تعاني منذ ما قبل العام 2020، وفي هذا الإطار يؤكد المصوّر فضل عيتاني أنّ عام 2020 هو العام الأصعب على الصعيد المهني منذ بدايته للعمل الصحافي، مشيراً إلى أن المصوّرين لم يجدوا فترة راحة على الإطلاق، بدءاً من الحرائق، ثم التحركات الشعبيّة، ثم كورونا وانفجار مرفأ بيروت والوضعالإقتصادي الصعب المرافق لكل هذه الأحداث.
ويشير عيتاني في حديث لـ"النشرة"، إلى أن مهنة المصور الفوتوغرافي الصحافي تعاني وجعلت عدداً من المصورين يرحلون عنها، منهم من هاجر ومنهم من تركها ليعمل في مجالات أخرى، آملا أن يكون العام الجديد أرحم على كل الأصعدة.
من جهتها ترى المراسلة الميدانية رنين إدريس أن الصحافيين، كباقي اللبنانيين عانوا ولا يزالون من الأزمة الإقتصاديّة وانهيار الليرة وقيمة الرواتب، فانفخضت قدرتهم الشرائيّة، ولم يعد يوجد ما يُحسدون عليه، مشيرة في حديث لـ"النشرة" إلى أنّ هذا العام كان حافلاً بالاحداث التي وضعت الصحافيين في خطر دائم، فتعرضوا للضرب والإنتهاكات والتهديدات.
وتضيف: "عندما وصلت الكورونا عمل الصحافيون في الصفوف الامامية، دون حماية كافية، خصوصاً عند تغطية التظاهرات والتحركات التي تشهد كثافة مواطنين لا يلتزمون بأبسط قواعد الوقاية"، مشيرة إلى أنّ انفجار مرفأ بيروت شكّل علامة فارقة في عمل الصحافيين بحيث أصيبوا بألم نفسي جرّاء المشاهدات التي عاينوها. وترى ادريس أن هذا العام هو الأصعب عليها مهنيًّا ولكنه أضاف إلى خبرتها الكثير.
لم يبقَ مهنة إلا ولحقها "انهيار" العام 2020، ولعلّ الصحافيين من أكثر المتضرّرين جرّاء ما يجري، لأنّ عملهم يحتاج إلى وقتهم الكامل، وأحياناً ما يزيد عن ذلك، وبالتالي لا يمكنهم البحث عن مداخيل أخرى تسهّل عليهم حياتهم، إلى جانب الخطر اليومي الذي يواجههم خلال تأدية عملهم، ما يجعل مهنة الصحافة في ظروف كهذه "مهنة المخاطر".