لفت رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، إلى "أنّنا قد آثرنا في هذه المرحلة بالذات الّتي يمرّ فيها لبنان بأسوأ أيّامه متحمّلًا الفقر و"التعتير" والعوز والمصائب والكوارث والمآسي الّتي أَفظعها كان انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، الذي دمّر نصف العاصمة، آثرنا عدم الدخول في أيّ سجالات بغية أن تنصبّ الجهود على إخراج الوطن والمواطن من الوضع المأسوي الّذي انزلق إليه لبنان، ولكن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تخطّى في كلمته الأخيرة كلّ الحدود والسقوف، معتبرًا وكأنّ اللبنانيّين من دون ذاكرة ولا تاريخ ولا حضور ولا دور؛ لذلك كان لا بدّ من التطرّق ولو عرضًا إلى بعض النقاط الّتي وردت في حديثه".
وأشار، خلال لقاء عُقد في المقرّ العام للحزب من أجل التسلّم والتسليم بين منسّق منطقة بعبدا الجديد جورج مزهر، ومنسّق المنطقة السابق جورج الطويل، إلى أنّ "السيد نصرالله سأل اللبنانيّين من وقف إلى جانبهم ودافع عنهم؟ فهو بسؤاله هذا عدا عن أنّه يمنّنهم كما يفعل دائمًا بأشياء قليلة فعلها وأشياء كثيرة لم يفعلها، وأساء بأفعاله إلى لبنان ودوره، فإنّنا نسأله بدورنا أين كان السيد نصرالله في حصار المئة يوم للأشرفية الّتي تقع على تخوم الضاحية حيث تعرّضت للقصف السوري الشديد والمتواصل لمئة يوم في العام 1978؟ وأين كان عندما كانت تُقصف زحلة وقنات وعين الرمانة؟ وأين كان السيّد حسن عندما حاصر الجيش السوري طرابلس وأمطَرها بوابل من الصواريخ والمدفعيّة والدبّابات، وارتكب بحقّها أشنع المجازر والفظائع؟ والجواب بكلّ بساطة أنّ نصرالله كان إلى جانب من يقصف الشعب اللبناني، ومتحالفًا مع من كان يدمّر المدن والقرى اللبنانيّة، إلّا في حال يعتبر أنّ هذه المناطق غير لبنانيّة، وهو غير معني سوى بتلك الّتي يعتبرها مناطقه".
وذكر جعجع أنّ "الأمين العام لـ"حزب الله" قال إنّ مقاومته تحمي لبنان وتحافظ على حقوقه. فبالله عليك يا سيد حسن فنحن لا نريد منك أن تحافظ على لبنان ولا أن تحمي حقوقه. جلّ ما نريده منك هو عدم التعدّي على لبنان واللبنانيّين، إذ لم يسبق أن انتُهِكَتْ سيادة لبنان كما هي مُنْتَهَكة اليوم، ولم يسبق أن ذُلَّ الشعب اللبناني كما هو مذلول اليوم، ولم يسبق أن شهد البلد انهيارًا كما هي الحال اليوم، ولم يسبق أن خسر لبنان صداقاته العربيّة والغربيّة كما هو حاصل اليوم، ولم يسبق أن تحوّل جواز سفر اللبناني إلى مهزلة على غرار ما هو عليه اليوم؛ وذلك كلّه بسبب مقاومتك".
وأوضح أنّ "السيد نصرالله قال: "اليوم إذا كان لبنان قوي وإن كان أحد يسأل عنه ويشعر بوجوده في الكرة الأرضية، فذلك بفضل المقاومة ونقطة على السطر". وسأل: "أرأيت يا سيد حسن بأنّك خارج الواقع تمامًا، لأنّ لبنان اليوم في أتعس أيّامه وأضعف أوضاعه على مرّ تاريخه؟. من جهة ثانية، يظهر أنّك نسيت تاريخ لبنان الضاربة جذوره في الأعماق، فأنت لم تقرأ بالتأكيد عن فينيقيا وقرطاجة الّتي نَقلت الحضارة إلى البرابرة، والأرز المذكور في الكتاب المقدّس أكثر من 72 مرّة، وبعلبك الّتي حمَلت مجد روما وبيزنطيا. فليرسل لك أهالي بعلبك الفسيفساء الّتي وجدوها مؤخّرًا لعلّك تستذكر قليلًا تاريخ لبنان؛ وتتأكّد من وجوده الراسخ في التاريخ قبل "حزب الله" وطبعًا المستمر بعده".
وتساءل: "هل تذكر جبيل مدينة الحرف، هل تعلم أنّها الّتي صدّرت الأبجديّة إلى العالم؟ أولم تسمع بيوحنا مارون ذلك القائد الّذي رفض الخضوع وصار رمزًا للكيانيّة اللبنانيّة، وبعده سلالة من البطاركة. أتعرف أنّ كتاب النبي لجبران خليل جبران هو ثاني كتاب مطبوع ومترجَم وموزّع في العالم بعد الكتاب المقدّس؟ جبران الّذي تُرجمت مؤلّفاته إلى عشرات اللغات وتعرّف العالم على لبنان من خلاله. هل سمعت بابن بطرّام شارل مالك الّذي ساهم في صياغة الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، وتحديدًا المادّة 18 منها الّتي تصون حريّة الدين والضمير والمعتقد؛ فالبشريّة تعرف لبنان منذ قدم الزمان بفعل كلّ هؤلاء وليس بفعل صواريخك".
كما تابع جعجع متوجّهًا للسيد نصرالله: "أتذكر عندما أتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الثانية للبنان في العام 2020، لم يزر هذه الصواريخ الإيرانيّة بل زار منزل الفنانة فيروز. لا يا سيّد حسن، لقد ارتكبت ليس مجرّد خطأ بل خطيئة بحقّ لبنان وشعبه وتاريخه، وإذا كان العالم يتداول باسم لبنان اليوم، فهو يتداول به إمّا كدولة فاشلة، أو كبؤرة توتّر دائمة وبيئة حاضنة للإرهاب؛ فيما كان يتداوله سابقًا كسويسرا الشرق".
وشّدد على أنّه "عندما تقول (أي السيد نصرالله) أنّ "المقاومة هي الوحيدة القادرة على حماية الثروات النفطيّة للبنان"، فهذه الثروات هي عطيّة طبيعيّة من الله، ونعرف كيف نحافظ عليها، والمهم ألّا تقحم نفسك في هذا الأمر، لكي لا يصيبه ما أصاب الوضع اللبناني ككل من كوارث بسبب جهود المقاومة الّتي بذلتها بين عامي 2000 واليوم. فتذكّر يا سيّد حسن أنّ هناك أكثريّة من اللبنانيّين تَعتبر أنّ ما يقوم به "حزب الله" هو الّذي أوصلها إلى ما وصلت إليه اليوم. وإذا كنت تريد الوقوف على خاطر الشعب اللبناني فاتركه وشأنه يبني حاضره ومستقبله كما بناه في الماضي وقبل حروب المقاومات غير اللبنانيّة؛ حيث كان بالفعل وعن حقّ سويسرا الشرق ومنارته. ماذا وإلّا... لبنان وطننا وفيه باقون، والمجد الّذي حملناه والذي لا تدرك قيمته لن نتخلّى عنه مهما طال الزمن".