سألت بعض السفراء الاجانب المعتمدين في لبنان لماذا لم تتدخل بلادهم لوقف الاعتداءات اليومية الاسرائيلية على المجال الجوي اللبناني، وهل هنالك بلد آخر في العالم يحظى بهذا النمط العدواني اليومي المكثف في سمائه
خاصة وان الخطر المحدق من هذا التصرف بإمكانه إشعال المنطقة بأسرها وتعريض القوات الدولية الرابضة على الحدود الجنوبية لمخاطر جمة. كما أن بإمكان القوى الغربية والشرقية ايقاف العنتريات الجوية الاسرائيلية بكلمة صارمة واحدة فلماذا لم تفعل ؟! إن اكثرية هذه الدول تعتقد ان الانسحاب الاميركي الجارف من الشرق الاوسط وجنوب شرق اسيا عامة اصبح قيد التنفيذ وفي خواتيمه وتفضل الانتظار حتى يتبدد الغبار الذي تثيره اقدام وآليات جحافل الجيوش المنسحبة .وعندها يجري ملء الفراغات سلمياً من كل دولة حسب حاجتها وعلى قدر امكانياتها .
اما اسرائيل فهي تقوم بهذا العدوان الجوي اليومي فوق بطاح لبنان شرقاً وغرباً وفقاً لسيناريو تكتيكي من أجل سَبر إمكانية امتلاك المقاومة لمنظومات دفاع جوي ، وأيضاً بغية التجسس ورصد كل حركة للمقاومة والجيش، إضافة إلى القيام بمسح يومي للمواقع العسكرية ناهيك عن ضرب اهداف مختارة في العمق السوري.
وواقع الأمر في المنظور الاستراتيجي أن إسرائيل تعلم هي وساستها ومخططو القيادة العسكرية ان كيانهم الغاصب بات قوة جوية فضائية ليس لها قدرة عملياتية على الارض بالمعنى الاستراتيجي .
وتعلم إسرائيل جيداً عن الاوضاع التي وصل اليها لبنان ودولته وشعبه والحصار الاقتصادي الخارجي والداخلي المضروب على شعبه واقتصاده وترى ان هذه مناسبة جيدة للضغط الجوي الكاسر بغية اعادة تركيب معادلة ردعية كاسرة لصالحها سبق أنْ فقدتها منذ زمن في الحروب البرية من غزة الى جنوب لبنان ... كذلك تركيب وانعاش كَوْرَس واوركسترا في الداخل اللبناني يلحّنان كل يوم ان المصيبة حَلّتْ لأن لبنان واهله تجرأوا ودافعوا عن انفسهم وشرف وجودهم على هذه الارض الكريمة. وكأنهم كانوا محظوظين في ايام الاحتلال والإذلال ، لا مقهورين ومهانين.
كل هذه، الاعمال العدوانية منها أو الاعلامية كذبة مفضوحة تشبه الخرافات المؤسِّسة للدولة الصهيونية. صحيح ان بعضها نجح في المدى المنظور ولكن من يراهن على ان التاريخ يحمي الاكاذيب ويكرس الخرافات؟
الواقع التاريخي والحقيقة تقول ان ما يعانيه لبنان من ازمة اقتصادية هو من صنع ساسته وقياداته الاقتصادية فشلة منتفعين قادوا السفينة الى الهلاك باشارات من الغرب وروجوا لبلد بدون دولة وجيش ولعاصمة بدون محيط ولقطاع مصرفي بدون اقتصاد وللاسراف بدون ادخار والاستيراد بدون تصدير وللسرقة بدون حساب.
آن الاوان للرجوع الى الحق ومحاسبة الماضي والحاضر وارساء قواعد الخروج من هذا المأزق التاريخي المتشابك لن نكون ضحية شرقية عربية لبنانية لنزوة اسرائيل او ايا كان من القوى الخارجية ولن نقع في تجزئة المسؤوليات التاريخية طائفيا بل المسؤولية وطنية وحلها وطني وليس طائفي او مناطقي لدينا عقولنا وتجرباتنا المريرة فلنتعظ الحل في عقولنا وايدينا.