كان لافتاً التناغم الكبير في التوقيت ومضمون الكلام بين النائبين السابقين فؤاد السنيورة ومروان حمادة، في التصريحين اللذين صدرا عن كل منهما منذ ايام قليلة. فقد اكد حمادة انه حان وقت المواجهة مع حزب الله، فيما شدد السنيورة على ان "المنظومة السياسية التي شهدناها إلى زوال ونهاية حزب الله بدأت". من يستمع الى هذا الكلام، لا بد وان يرد الى ذهنه احداث العام 2008 وبالتحديد منها 7 ايار، وللمصادفة كان السنيورة في حينها رئيساً للوزراء وحمادة وزيراً للاتصالات ودخلا بتأييد من رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط في مواجهة مع حزب الله. صحيح انه انقسم وقتذاك اللبنانيون بين مؤيد لهذه المواجهة ومعارض لها، ولكن تداعياتها لم تنته على ما توقعه السنيورة وحمادة، بل اوصلت البلاد الى اتفاق الدوحة الذي انهى حالة الركود اللبناني على المستويين السياسي والاقتصادي.
اليوم، يعيد الثنائي الاستراتيجية نفسها، فهل ينتظرنا 7 ايار جديد؟ انه احتمال من بين احتمالات كثيرة، زاد حظوظه الشرخ الذي حصل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، حيث يعتبر البعض ان هذا الامر من شأنه رفع الغطاء المسيحي عن الحزب وبالتالي، فقدانه لـ"الميثاقية" التي كان الحزب يتغنّى بها دائماً. ومن العوامل التي ترفع نسبة هذه المواجهة، التوسع الاسرائيلي عربياً، والمصالحة الخليجية التي اعادت قطر الى مكانها في مجلس التعاون، وتوالي الكلام عن امكان حصول مواجهة جديدة بين اسرائيل والحزب. في المقلب الآخر، يرى آخرون ان هذا الرهان لن يفيد صاحبه اي مكسب، وان سلة السنيورة وحمادة ستكون فارغة مرة جديدة، لان الرهان على الخلاف الحاصل بين التيار والحزب لا يمكن الاعتداد به ومن غير المرجح ان تكسر الجرة بينهما، خصوصاً في هذا الوقت، لحاجة كل منهما الى الآخر، فالحزب يحتاج الى التيار للاسباب المعروفة، فيما لن يفرّط التيار ومعه رئيس الجمهورية بهذه العلاقة وهما المحاصران حالياً بنيران الاحزاب والتيارات الاخرى. ويضيف معارضون فكرة حتمية حصول مواجهة ميدانية في لبنان، ان الوضع اليوم يختلف عما كان سائداً في العام 2008 من النواحي كافة محلياً وخارجياً، فيما الثابت الوحيد يبقى ان سلاح الحزب قادر على انهاء الامور بسرعة كبيرة ولو ان النتيجة ستكون كبيرة عليه، لانه سيجد نفسه في وضع حرج امام اللبنانيين والدول الخارجية ايضاً، فيما الذريعة الرئيسية التي برر فيها الحزب استعماله السلاح في الداخل كانت لانه تم المس بمقومات وجوده من خلال شبكة اتصالاته، وهو امر غيرمطروح حالياً. اضافة الى ذلك، ليس هناك من مناخ دولي ملائم لانتاج تسوية سياسية، دون ان ننسى مشكلة النازحين السوريين الذين سينضم اليهم نازحون لبنانيون سيقتحمون الحدود الاوروبية، وهو الكابوس الذي تتخوف منه القارة العجوز منذ اندلاع الحرب السورية، ولذلك عملت الدول كافة على تثبيت مظلة امنية دولية فوق لبنان، فهل اليوم هو الوقت للتفريط بها؟.
اما الرهان على ضرب الجيش بالحزب، فهو في غير محله ايضاً، فالاسباب التي لطالما منعت حصول هذا السيناريو لا تزال قائمة، وليس هناك من احد على استعداد للتفريط بقدرات الجيش وفي الاخص الدول الغربية التيتراهن على المؤسسة العسكرية، ليس لمواجهة الحزب، بل للحلول محله عند اللزوم، والا دخلنا في مرحلة الفوضى الشاملة التي لن يمكن بعدها التنبؤ بما سيحمله المستقبل من مفاجآت غير سارة في هذا المجال.
لكل هذه الاسباب يبدو ان الترويج لمواجهة امنية مع الحزب كلام في غير محله، اما اذا كان المقصود حصول مواجهة سياسية، فالامر لا يمكن حسمهمن قبل اللاعبين المحليين، فيما الخارج بانتظار تطورات تسلم الادارة الاميركية الجديدة مهامها رسمياً.