طبعاً ليست "كورونا" بمزحة، وطبعاً هو وباء إجتاح الكرة الأرضيّة وحصد ضحايا ومصابين بالملايين، وبعد مرور حوالي سنة من الانتشار الوبائي في لبنان يعود الحديث عن سيناريو شبيه لما حدث في إيطاليا مع بداية إنتشار الوباء... ولكن أين الحقيقة بما يحصل؟!.
إختلف حال لبنان عن بقية بلدان العالم خلال فترة الأعياد، فيما مختلف الدول أقفلت تخوّفاً من إرتفاع الأعداد نتيجة الإحتفالات شرّع لبنان أبوابه لكلّ أنواع الحفلات حتى كدنا نظنّ أننا نعيش في الأيام الغابرة أيام السهر والرقص واللهو وكأن لا "كورونا"... طبعاً كدولة ترزح تحت أعباء إقتصادية ومادية صعبة ربّما قد يكون مفهوماً أن تتخذ هكذا قرار، ولكن غير المفهوم وغير المبرّر هو ما قام به الناس الذين إرتادوا المطاعم ليلة رأس السنة مثلاً ورقصوا على أنغام الموسيقى وتخالطوا دون أخذ الحذر أو وضع "الكمامة" أو أي شيء آخر.
ما بين "الاعياد" و"كورونا"
بعدها ذهبت سكرة الأعياد وأتت فكرة "كورونا"، تهافت الناس بشكل جنوني لإجراء فحوصات الـPCR، المستشفيات دقّت ناقوس الخطر خصوصاً في جبل لبنان وبيروت التي وبحسب مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحيّة وليد خوري لم تعد قادرة على إستقبال أي مريض مصاب، فأعدت الدولة العدّة وأعلنت الإقفال من الخميس 7 كانون الثاني ولغاية الأول من شباط 2021، ليبقى الأهمّ ماذا سيتغيّر خلال هذا الإقفال الّذي نعلنه والإصابات الى إرتفاع؟.
في 21 من شباط 2020 أعلن وزير الصحّة حمد حسن إصابة مواطنة لبنانية قادمة من إيران بفيروس كورونا المستجد الى لبنان، في 28 شباط من العام الماضي إتخذ مجلس الوزراء قرار إقفال المدارس وهنا بدأت "المعركة" ضد هذا الفيروس الذي إنتصر عليه لبنان في البداية بحيث وصل خلال شهر نيسان الى صفر إصابات بعد إقفال البلاد، وبعد عودة فتح المطار في تموز الماضي عادت نسبة الإصابات لترتفع.
في الرابع عشر من تشرين الثاني أعلن لبنان الإقفال الثالث خلال فترة "كورونا"، وكان عدد الإصابات قد تخطى 100 الف إصابة، وبلغ 102 ألف و607 حالات بينها 796 وفاة. كُثر وصفوه حينها "بالمسخرة" لأنه إقتصر على مزيّن الشعر ربما والميكانيكي، في حين أن أغلب القطاعات كانت تعمل فقُطِعت "أرزاق" الكثير من الناس في حين أنه لم يأت بنتيجة.
الالتزام سر النجاح
اليوم نُعلن من جديد الإقفال لفترة أطول تستمرّ لثلاثة أسابيع. وهنا يشير الاخصائيفيالاسعافالميدانيوادارةالكوارث الطبيب جبران قرنعوني الى أنه "في حال كان الإقفال جدياً، فإنه علينا أن ننتظر ثلاثة أسابيع حتى تبدأ الأعداد بالإنخفاض"، لافتا الى أن "النجاح يكمن في أن يطبّق على كل القطاعات وفي جميع المناطق وإلا فهو دون جدوى"، داعيا الى "ضرورة أن يلتزم الجميع حتى ينجح الإقفال". في حين أن وليد خوري يشدّد على "ضرورة توعية الناس على خطورة الأمر وأننا لا نستطيع الإستمرار بهذا الوضع".
يشير الدكتور وليد خوري الى أن "لبنان حصل من البنك الدولي على مبلغ إقتطع منه 40 مليون دولار للقيام بالتجهيزات لمواجهة كورونا"، لافتا الى أنه "تمّ تجهيز غرف عناية فائقة في المستشفيات الحكوميّة وزيادة عدد الأسرّة هناك، إضافة الى إجراء فحوص PCR"، مضيفاً: "بحسب منظمة الصحة العالمية يفترض أن يكون هناك 500 غرفة عناية فائقة وحوالي 3000 سرير عادي المحاربة الوباء، وقد وصلنا الى تجهيز 300 غرفة عناية فائقة".
مرضى بالطوارئ لأيام
يدقّ وليد خوري ناقوس الخطر، ويتحدّث عن "مصابين "بكورونا" يفترض أن يدخلوا الى المستشفى نضطر الى تركهم في المنازل ونعطيهم العلاج اللازم هناك لأن لا أسرة شاغرة، كذلك بعض المرضى ينقلون الى المستشفى ويبقون في الطوارئ عدّة أيام ونضع لهم الأوكسيجين هناك وهذا لم يكن يحصل سابقاً".
في حين أن الأمين العام للصليب الأحمر جورج كتّانة يشير الى أن "فرق الصليب الأحمر ملتزمة ببروتوكول طبي ومستعدة لمواكبة المرحلة المقبلة ضمن خطّة استباقية"، مشددا على أن "مستشفيات جبل لبنان وبيروت تجاوزت الـ90% من قدرتها الاستيعابية".
كيفية نقل العدوى
"الاعداد سترتفع في الأيام المقبلة، كما حصل بعد فترة عيد الميلاد". هذا ما يؤكده كتانة، آسفا "للاستخفاف بالاجراءات الوقائية". في حين أن الطبيب جبران قرنعوني لا يرى أن سبب ارتفاع الاصابات في الايام مردّه الى السهرات المنزلية ليلة الميلاد لأن أغلب العائلات التي اجتمعت تلتقي عادةً مع بعضها، وتطرق قرنعوني الى السهرة ليلة رأس السنة، معتبرا أن "الهجوم على إجراء فحوص لـPCR في اليوم الثاني أو الثالث للحفلة لا معنى له لأن الشخص المصاب لن تكون نتيجته إيجابيّة حتى ولو كان مصابا بل يجب الإنتظار من اليوم الخامس الى السابع ليظهر إذا كان مصاباً"، مضيفاً: "إذا وصل الى اليوم السابع ولا يشعر بعوارض فلا حاجة لإجراء فحص PCR".
يشدد قرنعوني على أن "العدوى من مصاب الى آخر ترتكز على نسبة التعرّض للشخص المصاب وإذا كان يعاني من عوارض أم لا"، معتبرا أنه "وبمجرّد أن تبدأ العوارض عند المصاب بالزوال فهو حكماً لا يُعدي وطبعاً بعد مرور اربعة عشر يوماً لا يمكن أن ينقل العدوى الى شخص آخر".
لتجهيز المستشفيات الخاصة
يعود الأمين العام للصليب الأحمر ليعتبر أن "الإقفال العام المقرر لن كون مجدياً إلا إذا التزم الشعب اللبناني وتمّ تجهيز المستشفيات الخاصة بأسرة". في حين أن وليد خوري يرى أن "الحلّ الوحيد هو في رفع جهوزية المستشفيات الخاصة التي تقول أن لا امكانية لديها وتحتاج الى اموال"، مضيفا: "طالبت في آخر لجنة لكورونا ارسال منح مالية للمستشفيات الخاصة من الدولة لأننا في حرب، وفي الحرب كل الامكانات توضع في مكان المناسب لها"، مشددا على أن "الدولة يجب أن تساعد المستشفيات الخاصة وتقتطع من قرض البنك الدولي وتعطيهاالأمواللتجهيز أقسام لكورونا".
في المحصلة، يبدو أن الأسابيع الثلاثة لن تشهد أي تطور إيجابي في هذا الخصوص، وبالتالي هل يكون الإقفال العام مجدياً في مثل هذه الحالة؟