لا شكّ أن إنفجار مرفأ بيروت خلّف دماراً كبيراً لناحية المباني التي تضرّرت، فرابع إنفجار في العالم مسح شوارع في العاصمة "عن بكرة أبيها"، ضحايا بالمئات وجرحى بالآلاف، مبانٍ مهدّمة واصلاح الأضرار بات مستحيلاً على البعض إذا كان سيقوم بالترميم من جيبه الخاص نتيجة الأوضاع الإقتصادية الصعبة وارتفاع سعر صرف الدولار...
وعلى وقع سقوط المباني والانهيارات بادرت بلدية بيروت الى محاولة إصلاح ما تهدّم، منعاً لتهجير قسم كبير من أهلها، وأمام هذا الواقع اصطدم محافظ بيروت أثناء محاولته ترميم المباني التراثية باعتراض عدد من المالكين الذين رفضوا، فكانوا أمام خيارين بحسب ما يؤكد المحافظ مروان عبود لـ"النشرة"، إما أن نرمّم على حساب البلدية وكلّ من لا يسمح لنا نرمّم ونفرض عليه الفاتورة ونضع حجزاً على عقاره.
اجراءات جازمة
يشير القاضي عبود الى أننا "ومنذ اللحظة الأولى لوقوع الإنفجار أردنا أن تعود الأمور الى ما كانت عليه، خصوصاً لناحية المنازل التراثيّة، ولكن وجدنا أن المالكين بعدد منهم لا يريدون ذلك، وقد وصلتنا معلومات أن الهدف هو أن شركات ضخمة تسعى الى شراء تلك المنازل لتهديمها وبناء أبراج مكانها". هنا ينفي رئيس نقابة مالكي الأبنية المؤجرة باتريك رزق الله علمه وعلم النقابة بأيّ عرض من هذا النوع، مشيرا الى أنه "لم تصلنا معلومات عن حالات شراء منظّمة للمنازل، وربما إذا كان هذا حصل فيكون بحالات فردية لا يعوّل عليها".
انذارات للمالكين
"حتى لا تهدّ البيوت التراثيّة وجّهنا إنذارات الى كل المالكين". هذا ما يؤكده القاضي عبود، مشيراً الى أنه "من يرفض تدعيم المنزل أو ترميمه، نستعمل المادة 18 من قانون البناء فنقوم بكلّ الإجراءات اللازمة لناحية الترميم وضمان السلامة العامة ولكن في هذه الحالة على نفقة المالك"، لافتا في نفس الوقت الى أننا "توجهنا بكتاب الى شرطة بيروت طلبنا فيه منهم وعملا باحكام المادة 205 معطوفة على المادتين 194 و197 من القانون 17/1990 تأمين المؤازرة اللازمة لاعمال الترميم والتدعيم التي تجري على عقارات معيّنة تحت إشراف مديرية الآثار".
المباني استهلكت
بدوره باتريك رزق الله يشرح أن "هناك لغطاً حصل عندما أصدر محافظ بيروت بيانا ألزم فيه الترميم على نفقة المالكين وإلا يتم وضع إشارة على المبنى، وهنا رفعنا الصوت خصوصا وأن عددا منهم لا يستطيع القيام بهذه الخطوة، وعندما زرناه للإستفسار عن الموضوع شرح لنا أن من لا يستطيع أن يرمم فإن ذلك سيتم على حساب بلدية بيروت"، معتبراً أن "مشكلتنا أنه منذ حوالي الأربعين عاماً نقبض إيجارات في وقت أن المباني استهلكت بالكامل وبعضهاالآخر تهدّم، وقلنا إنه بحال إستمرّينا على حال الإيجار المنخفض جدا فإننا لن نستطيع الترميم".
إذاً، وعلى وقع المشاكل الكبيرة التي تعاني منها بيروت، يبقى الاساس إعادة الأمور الى طبيعتها في هذه المنطقة التي شهدت ما شهدته نتيجة الإنفجار الضخم الذي هزّها، والأهمّ أن لا تتغيّر هويّة العاصمة نتيجة مصالح خاصة!.