ليست القضية "قلوب مليانة" بل "زتّة رمّانة"
نعم، قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مستهدف أمنياً بشخصه. الأمرُ ليس تحليلاً بل معلومات خاصّة من مصادر موثوقة تفيد أنّ القائد مطلوبٌ تصفيته جسدياً وكسر ظهر المؤسسة العسكرية. معلومات باتت اليوم بعهدة الجيش اللبناني.
مَن يريد تصفيته؟ وما هي الخطّة؟ إنّها كتائب عبدالله عزام التي تعمل اليوم تحت أمرة أحد القادة العرب بعد أن أوقفت سابقاً مخابرات الجيش اللبناني قائد التنظيم السعوديالجنسية الذي كان متواجداً على الاراضي اللبنانية، ويدعى ماجد الماجد وفككت شبكاتها.
كتائب عبدالله عزام ذراع للعدو الاسرائيلي في لبنان. هذا العدو الذي يعزو فشله في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى قيادة الجيش اللبناني التي وضعته في مأزق دولي بعدما اكدت على ما لم تكن تنتظره من مساحة هي حق لبنان.
كتائب عبدالله عزام فصيل إرهابي يعمل على خطّ جبهة النصرة وداعش وغيرهما من التنظيمات التي الحق بهم الجيش الهزائم في جرود عرسال ومعركة فجر الجرود ونهر البارد، ولا زالت العمليات الاستباقية تكشف خلايا خطيرة تمّ ويتمّ توقيف افرادها واحالتهم على المحكمةالعسكرية.
وهنا تجدر الإشارة أنّه بات معلوماً أنّ جهات متطرفة ومرجعيات سياسية وغير سياسية تسعى بطرق غير مباشرة لاخلاء سبيل هؤلاء واطلاق سراحهم، او تخفيف احكامهم عبر العزف على الوتر الطائفي والمناطقي، ما يضع المحكمة العسكرية أمام تشابك مصالح كبرى وصغرى قدتصبح هي كبش المحرقة فيها.
معلوم أن الجيش اللبناني سطّرَ انتصارات ميدانية عسكرية أيضاً في كشف شبكات تهريب وتوقيفهم، واضعاً نفسه بمواجهة عشائر وعائلاتتعتبر نفسها من ضمن النضال الدفاعي الى جانب الجيش في معاركه ضدّ الأعداء، وما الحملة الممنهجة عليه بموضوع ضبط التهريب وتضخيم واقع التهريب على الحدود الشمالية والشرقية إلّا عن علم أو جهل بهدف وضعه بمواجهات دموية مع شعبه او مع سوريين في تلك المناطق الحدودية.
يغيب الإعلام اللبناني عن تذكير الرأي العام بالإنتصارات التي حققها الجيش اللبناني بمواجهة العدو الاسرائيلي، من معركة المالكية في العام ١٩٤٨ حتى معركة العديسة في العام ٢٠١٠ التي سقط فيها مراسل لجريدة الاخبار الإعلامي عسّاف أبو رحّال إلى جانب شهيدين من الجيش الرقيب روبير الياس العشّي والرقيب عبدالله محمد الطفيلي.
هذه الأرض التي ضمّت شهداء عسكريين ومدنيين سقطوا في نضال طويل حماية للأرض من بطش العدوّ تبكي على الدرك الاسفل الذيوصل اليه الحال في لبنان.
ما زال الجيش اللبناني بسلاحه البسيط وعديده المتواضع وبقيادته الحالية يشكّل عائقاً فعلياً ومعنوياً أمام العدوّ الإسرائيلي.
صحيح أن العماد جوزف عون تربطه علاقة جيدة مع جميع السفراء المعتمدين في لبنان، أجانب كانوا أم عرباً، ولكن يعرف كثيرون أنّه ليسبمهادن ولا بمطواع حين تطال الأيادي: الجيش والشعب والوطن. هذا ما قاله ...
ما هي الخطّة؟
إنها استهداف المؤسسة العسكرية ببنيانها المادّي والمعنوي وضرب معنويات العسكر واستهداف قائدها أمنياً بعد اتباع المنهجية التالية :
١-تقليص حقوق العسكر المادية وتأخير الاستحقاقات
٢-تأخير التسريحات ووقف التعويضات
٣-عرقلة الترقيات
٤-ضرب قيمة الرواتب بفعل سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية
٥-إنهاك العسكر ووضعه بمواجهات ميدانية مع ناسه واستخدام مخرّبين تمّ تمويلهم للغاية هذه
٦-زرع مدسوسين بين المتظاهرين لاطلاق نار عشوائي بمحاولة لاتّهام الجيش بذلك
٧-توظيف جيش الكتروني ضدّ القائد عون واظهاره بموقع المحاباة العمياء مع السفراء الاجانب لتأليب جمهور المقاومة ضدّه ووضع الشعب بمواجهة الجيش وكسر الثقة
٨-توسيع دائرة الجفاء بين قائد الجيش وجمهور المقاومة وقيادة حزب الله
٩-اغتيال (لا سمح الله) قائد الجيش العماد جوزف عون واتّهام حزب الله
في هذه المشهدية يبرز حزب الله ضائعاً بين ثلاثة: جمهوره الذي بات بجزء كبير منه مضلّلا على وسائل التواصل الاجتماعي حيال ثقته بالقائد الحالي وبين حفاظ الحزب على خطابه حول الثلاثيّة الذهبيّة، وبين محاباة بعض حلفائه الذين لا تربطهم علاقة وطيدة مع القائد الحالي للجيش لأسباب خاصة بذهنياتهم.
لافتٌ ومحزنٌ ما صدر عن حزب الله حيال الجيش في محطّتين اثنتين:
اولاً: إبّان ثورة ١٧ تشرين الأوّل ٢٠١٩، برزت أصوات سياسية من صلب حزب الله تحمّل قائد الجيش مسؤولية إقفال الطرقات وترك الناس المنتفضة فيالشوارع وتطالبه بشدّة بإنهاء هذه الحالة. غريبٌ وقتها ألّا يكن البعض من سياسيي حزب الله قد رأى أنّ جهات من الداخل والخارج تخطّط بمكر لحمل الجيش على استعمال العنف حيال الشعب فيسقط دون رجعة. ولكنّ الجيش كان اكثر حكمة وصلابة وصبراً من صانعي هذهالخطط.
ثانياً: طالب سماحة (الأمين العام لحزب الله) السيد حسن نصرالله قيادة الجيش اللبناني بمصارحة اللبنانيين حول انفجار مرفأ بيروت وما توصّلت اليه التحقيقات.
الواقع، أنّ الجيش اللبناني والاجهزة الامنية والاعلام والقضاء والموظفين والعامّة ممنوع عليهم قانونا بموجب قانون الدفاع الوطني وقانونالقضاء العسكري وقانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون قوى الأمن الداخلي وغيرها، إصدار أي بيان او كشف أية معلومات حول تحقيقات سرّية تتمّ بإشراف القضاء او هي عالقة بأيدي القضاء. إنّ واجب كشف الحقيقة يعود الى المحقّق العدلي عند اصداره القرار الاتهامي حيث يجب نشر القرار الاتهامي امام الرأي العام.
ولكن، تتمسّك الناس بما يصدر على لسان الزعماء ويتناقلونه على وسائل التواصل الاجتماعي فيقتنع بعض العامّة بأن الجيش والقوى الامنية تخفي عنهم الحقيقة، فبدل ان يتوجهوا بالطلب الى القضاء فهم يذمّون بالجيش او اقتناعا او ارضاء او مسح للجوخ ويقتنع البعض الاخر نتيجة حملة ممنهجة أيضاً ان حزب الله مسؤول فتبدأ حملات التضليل والتحريض والتخريب ضدّ شركاء الوطن الواحد.
إنّ الحقيقة عند القضاء وحده او لنذهب الى تحقيق دولي، او لنقتنع انها جريمة كاملة لا أدلّة عليها واي تعرّض للكرامات بافتراءات وتجنٍّ مناي جهة أتى لا يقدّم اي خدمة للحقّ.
في المقلب الآخر من المشهدية المؤلمة، تدمّرت العاصمة بيروت، أكثر من مئتي شهيد والجرحى بالآلاف والخسائر بالمليارات والسبب ٢٧٥٠ طن نيترات امونيوم لمدّة ٧سنوات فيالعنبر رقم ١٢ من مرفأ بيروت. الخبر بعينه من كوابيس التاريخ التي لا تُصدّق. لا شكّ أنّ المسؤوليات عديدة وهي تتوزع على اكثر من فردوجهة ومؤسسة وسلطة وجهاز وأبعد من الحدود اللبنانيّة. فئة كبيرة من المطلعين على علم الإجرام والتحقيق شكّكت بقدرة التحقيق على التوصّل الى الحقيقة والمحاسبة والمحاكمة وحفاظ لبنان على التوازن والاستقرار الخطابي السياسي والإعلامي والامني والحقوقيالداخلي في آن. وإنّي من هذه الفئة.
برز الإعلام الاستقصائي بقوة في السنوات الثلاث الاخيرة ضدّ الفساد، وبعد انفجار مرفأ بيروت تنافس العديد من الاعلاميين على السعيلكشف خيوط الجريمة وهذا حق وتقدّم وواجب وطني.
ولكن، برزت اشكالية كبرى تكمن في الإعلام الإستقصائي التخصّصي بحيث ان معظم القضايا العالقة امام القضاء تُثار من إعلام غير متخصص حقوقياً ما يخلط الصالح بالطالح من تحليلات ومعلومات، فيُضلّل الرأي العام وربّما يُوجّه بعض القضاء.
تختلط على بعض الاعلاميين أصول الحرية الاعلاميّة وأسس الإعلام الإستقصائي وشرط التخصص والحدود القانونية.
فأن يصبح الإعلامي مساعداً للتحقيق في كشف خيوط وأدلّة ومعلومات ويعرضها على الملأ تاركا القرار فيها لأصحاب الشأن، فهذا ممتاز ،وأن يكون مراقباً فهذا أكثر من ممتاز، أمّا ان يصبح الاعلام هو المحقق والقاضي والحاكم والحكم فهذا خروج عن صلاحيات السلطات لاسيما السلطة الرابعة.
وكم من شخصٍ في هذه الدولة لم يوجّه علناً تعليمات للمحقق العدلي فادي صوان بضرورة استدعاء "فلان وعلاّن"، وحدّد توقيت ومواعيد ووجّهله اللوم على استدعاءات وشكّك وسأل عن اخرى!؟ وكأن الرجل انهى مهمّته وختم تحقيقه، ويمضي عطلة طويلة في رحاب بلاد الله الواسعة! أهكذا يصانُ العمل القضائي في وطننا؟! ولماذا لا تدعوه يكمل مهمته بسلام؟ وبعدها للجميع الحق باتخاذ المواقف التييريدها من قراره الاتهامي. وإلا أوقفوا كل هذا واتجهوا الى القضاء الدولي وعلّموه أيضاً.
باسم الحقيقة يُستهدف الجيش اعلامياً بتجييش غير مسبوق ضدّه،ويُستغلّ لهذه المهمّة عن غير علم إعلاميون مندفعون نحو الحقيقة.
باسم الديمقراطية دُمّرت دول، واليوم باسم الحقيقة يُدَمّر لبنان من الباب الاوسع وهو محاولة سحق الجيش.
الحقيقة لها أصولها واربابها والحرية لها اهداف سامية والوطنية لها حكمتها.
المرتكب سيُحاسب قضائياً أكان عسكرياً أم مدنياً. ربط المسؤوليات مهمّة قضائية شائكة.
الشهداء لا يُعوّضون والعدالة حق.
أمّا الوطن بلا رافعة الجيش فساقط حتماً، وجيش بلا احترام قائده فمنهزم حتماً. نعم، ليس كلّ القادة بالعالم جديرون بالإحترام ويستحقونرتبهم ولكنّ الحقّ لا يُقال فقط، الحقّ يؤخذ.
فلتُفتح ملفات جميع القادة الامنيين السابقين والحاليين دون استثناء، وليتنحى جميع القضاة الذين تناولت قضية انفجار المرفأ اسماءهم قبلواثناء وبعد الانفجار، ولتُفتح صفحة تحقيق يُستدعى فيها الجميع،وعِوَضَ المحقق العدلي الواحد عيّنوا عشرة... إن كان هذا ما يرضي الحقيقة.
أمّا أن يُستهدف قائد الجيش جوزف عون باسم الثأر الإرهابي للاستفراد بالأمن والحقيقة... فهذا موضوع آخر.