في الوقت الذي كان جميع المراقبين اللبنانيين ينتظرون ما قد يترتب على تسلم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة، خلفاً لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بسبب الربط بين هذا الحدث الأميركي وإمكانية تحريك عجلة الملف الحكومي، بعد أن كان محسوماً عدم القدرة على التأليف في عهد ترامب، وصلت رسالة سعودية سلبية، قد تكون مؤشراً على الموقف العربي من الأوضاع المحلية في المرحلة المقبلة، حيث أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبدالله أن "لبنان لن يزدهر بلا إصلاح سياسي ونبذ ميليشيات حزب الله".
هذه الرسالة لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام، نظراً إلى أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بما يربطه مع السعودية من علاقات سياسية، لا يستطيع تجاوزها بأيّ شكل من الأشكال، وبالتالي قد تلعب دوراً معرقلاً لمسار التأليف، في ظل المبادرات التي تسعى بعض الجهات إلى القيام بها في الوقت الراهن، مع العلم أن الحريري سعى، في الأيام الماضية، إلى محاولة الحصول على ضمانة عربية، من خلال الزيارات المتكررة التي قام بها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه يمكن الحديث عن أكثر من مبادرة محلية تحريك الملف الحكومي، أبرزها تلك التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي لم يكن يرى في الفترة الماضية أن الظروف الخارجية مؤاتية لتشكيل حكومة في لبنان، بالإضافة إلى المساعي التي يقوم بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي سعى إلى تعبيد الطريق أمام إتفاق بين كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه المبادرات، بالإضافة إلى غيرها، كان من الممكن أن تقود إلى تأليف حكومة فيما لو كانت العراقيل داخلية فقط، خصوصاً أنها كانت مدعومة من الجانب الفرنسي الذي يرغب بتشكيل حكومة جديدة في لبنان بأسرع وقت ممكن، منذ تاريخ الإنفجار الذي وقع في بيروت في الرابع من آب الماضي، بدليل الجهود الكبيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من دون أن تنجح في الوصول إلى الغاية المنشودة.
حتى الساعة، تفضل المصادر نفسها عدم الجزم في تداعيات الرسالة السعودية، إلا أنها لا تتردد في التأكيد بأنها سلبية، حيث تشير إلى أن ما قد يترتب عليها يتطلب الإنتظار بعض الوقت، لمعرفة طبيعة المرحلة التي ستطغى على المنطقة في عهد الرئيس الأميركي الجديد، لكن ما يمكن الجزم به هو أنها توحي بالرغبة في الحصول على ثمن سياسي كبير مقابل أيّ مساهمة في عمليّة الإنقاذ، نظراً إلى أنّ الجميع يدرك أن أي أموال، من الممكن أن تصل إلى لبنان في الفترة المقبلة، من المفترض أن يكون مصدرها الدول العربية، لا سيما الخليجية منها، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون رضا أو موافقة الرياض.
في المحصلة، الأيام المقبلة من المفترض أن تكشف حجم تداعيات هذه الرسالة السعوديّة، التي من الممكن ألاّ تكون أكثر من تكرار لمواقف الرياض المعروفة من الأزمة المحلية، إلا أن الأكيد أنها تجزم أن الظروف الإقليمية لا تزال هي نفسها، من دون تجاهل أن بعض الدول العربية تسعى إلى حجز دور لها في أي مفاوضات جديدة بين الولايات المتحدة وإيران.