تميّز الاسبوع الحالي بالكثير من الاحداث الجديدة، بقي ابرزها المواجهات المباشرة في طرابلس والتي دفع فيها الجيش اللبناني مرة جديدة ثمن غوغائيّة البعض من اللبنانيين. ومن بين الاحداث الجديدة التي سجّلت، صدور كلام عن رغبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتمديد لنفسه، والزيارة التي قامت بها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى قصر بعبدا، والاهم أنّ هناك من ارتأى، عن قصد او عن غير قصد، ربطهما معاً، للقول بأن شيا انما زارت القصر الجمهوري لإبلاغ عون رفض واشنطن القاطع لأيّ فكرة بالتمديد وان المسألة لن تكون بهذه السهولة.
في الواقع، لا تتقاطع اي معلومات او قراءات او حتى تحليلات مع هذا الطرح، فعون لم يتحدّث عن التمديد بالعلن او بالسرّ وفق ما ينقل عنه زواره ومن يلتقيه، وحتى اخصامه من السياسيين لم يتطرّقوا الى هذا الامر، علماً انه ورقة رابحة جداً في يدهم يمكنهم استغلالها بشكل كبير في ما لو كانت صحيحة. اضافة الى ذلك، يكون رئيس الجمهورية، في حال كان صحيحاً ما قيل عن رغبته بالتمديد، قد تحدث بلسانين، لأنّه كان جازماً خلال مواقف سابقة له بأنه لا يرغب بالتمديد او التجديد، وعليه تمّ طيّ هذه الصفحة في كل المواقف من الاحداث السياسية التي شهدها لبنان. ووفق المنطق ايضاً، كيف يطرح البعض رغبة عون بالتمديد فيما اخصامه في السياسة لا يكلّون ولا يملّون من اتّهامه بتحضير صهره النائب جبران باسيل لخلافته، وخوض كل المعارك اللازمة في الداخل والخارج لهذه الغاية؟ وفي حال كان عون يريد فعلاً التمديد ويسعى اليه، هل يطرحه في هذا الوقت بالذات الذي يدرك تماماً انه الاكثر سوءاً لمثل هذه الغاية في ظل الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها لبنان على الصعد كافة، مع الاشارة الى ان قوى سياسية عديدة تقف حالياً في المقلب الآخر وتعارضه بشدة؟.
وكي لا نطيل الكلام عن التمديد داخلياً، لا بد من البقاء في دائرة المنطق لبحث ما يقال من ان السفيرة شيا ابلغت عون موقف بلادها الرافض تماماً لفكرة التمديد. اتفقت المصادر كلها القريبة من قصر بعبدا والبعيدة عنه، على ان هذا الموضوع لم يكن في قائمة الحديث الذي دار بين رئيس الجمهورية وشيا، وهو امر من السهل تصديقه. فهل نحن على أعتاب انتخابات رئاسيّة في لبنان، لتحزم شيا امرها وتصعد الى قصر بعبدا بعد انقطاع طويل نسبياً، وتبلغ مثل هذا الموقف؟ وهل ان لبنان خالٍ من المشاكل والصعوبات التي تهتم بها الولايات المتحدة وتتابعها كي تتم اثارة هذا الموضوع؟ وما الذي سيبرر توجه شيا الى عون بالاعتراض على التمديد وهو ما لم يطرحه احد من الوزراء او النواب المؤيدين للرئيس وسياسته، او حتى رؤساء احزاب وكتل سياسية وحزبية؟ وما الذي يمنع شيا استغلال هذا الموقف، لو كان صحيحاً، والحديث عنه بشكل علني والتشديد على رفض التمديد بالمطلق كما تفعل الدول الكبرى دائماً بشكل عام؟.
من المؤسف فعلاً ان يبني البعض على كلام غير جدّي يتناوله البعض، ليحولها الى "معلومات" يسوّق لها ويحاول اقناع الآخرين فيها على اعتبار انها جدّية وقائمة، فيما الحقيقة انها بعيدة كل البعد عن الواقع وان اموراً اخرى اكثر اهمية بكثير، هي التي يجب متابعتها وتقصّي المعلومات عنها، خصوصاً وانها مصيرية بالنسبة الى لبنان واللبنانيين، ومن شأنها ان تبقي على المسار الحالي للامور او تغيّره، فيما لن تؤثر مسألة التمديد -إن كانت صحيحة ام لا- على اي شيء، سوى اضاعة الوقت وهو العامل الذي لم يعد بالمقدور استهلاكه عبثاً.