لم يسبق للطائفة السنية، ولا سيما دار الفتوى و"تيار المستقبل" والرئيس المكلف سعد الحريري ان "حملوا" بشدة على الجيش، واعتبروه مقصراً في حماية مدينة كبيرة وحساسة وقابلة للتفجير كمدينة طرابلس.
وكان واضحاً بيان الحريري الذي حمّل فيه الجيش مسؤولية ما جرى واتهمه بالتقصير، عندما انتقد "وقوف الجيش متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت".
وما جرى في طرابلس خلال الايام الماضية، ولا سيما امس الاول، مع محاولة إحرق المحكمة الشرعية السنية والسراي، ومن ثم مبنى البلدية، جعل مرجعيات السنة في لبنان، ولا سيما المرجعيات الدينية والسنية، وخصوصاً الشمالية تدق ناقوس الخطر خوفاً من إعادة طرابلس الى ساحة التصفية الحسابات الداخلية، و"صندوق بريد" خارجي ايضاً.
ويكشف احد المشايخ الطرابلسيين البارزين لـ"الديار"، مداولات الزيارة اللافتة لمدير المخابرات في الجيش العميد الركن طوني قهوجي، يرافقه المساعد الثاني لمدير المخابرات العميد الركن نبيل احمد عبد الله إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى.
ويقول الشيخ المذكور ان قهوجي أراد تغطية سنية لتدخل الجيش بشكل واسع في طرابلس وحتى لا يقال ان الجيش موضوع في مقابل الطائفة السنية. وينقل الشيخ عن المفتي دريان قوله لقهوجي: لا تحتاجون لأي غطاء والجيش غطاؤه وطني. "تأخرتو كتير بعد 3 ايام جايين تطلبو غطاء"! ويقول ان الاجتماع انتهى برد قهوجي :"بنشوف".
في المقابل يؤكد الشيخ الطرابلسي البارز ان الطائفة السنية مع خيار الدولة والجيش والمؤسسات. ويحزننا ان نسمع ان هناك من يفكر بالامن الذاتي، او ان يعلن الرئيس نجيب ميقاتي انه سيحمي مؤسساته؟ فهل ما قاله ميقاتي غير منسق مع الآخرين؟ وهل هناك مجموعات جاهزة لتكون نواة امن ذاتي؟ واين نصبح مع سيناريو كهذا؟
ويقول ان الرهان على الساعات والايام المقبلة لمعرفة اتجاه الامور. ويكشف الشيخ المذكور ان حريق البلدية اتى للتغطية على محاولة حرق المحكمة الشرعية السنية، ولا سيما ان المعلومات تقول ان مجموعات تسمي انفسها "مجتمع مدني" و"علمانية" ترفض الوجه "المتطرف" والاسلامي لطرابلس هي من حرضت عصر امس الاول على حرق المحكمة ،وان حرق المحكمة رسالة "مدنية" الى هذه الطبقة الدينية المتطرفة وهذه الجهات "المدنية" معروف في طرابلس انها محسوبة على الاميركيين!
ويكشف ان الارشيف في المحكمة وكل السجلات، لم تصل اليها النيران ومحفوظة بشكل جيد، كما يشير الى ان التحقيقات مع احد الموقوفين، كشفت عن تورط مجموعة تابعة للاميركيين في التحريض على حرق المحكمة الشرعية السنية.
ويقول ايضاً، ان بعد محاولة حرق المحكمة والصدى السلبي لهذا العمل عمد بعض المخربين، وعددهم ثمانية لاحراق البلدية ووجوهم واسماؤهم معروفة ( 5 منهم اوقفتهم مخابرات الجيش امس) ولم يكن هناك تركيز امني على حمايتها او الاستنفار في محيطها على اعتبار ان اصرار المحتجين والمشاغبين هو التخريب في السراي والدخول اليها.
ويؤكد الشيخ ايضاً، وجود سيناريوهات تتناقلها الفاعليات الطرابلسية، ومرتبطة بصراع الاجهزة وتنافسها، وتصفية الحسابات على خلفية التعيينات الاخيرة!
ويؤكد ان سيكون لدار الفتوى في بيروت وطرابلس وبعد البيانين الاعلاميين امس، موقف واضح، مما جرى وتحميل مسؤوليات وتحقيقات شفافة وتوقيف، كل المحرضين والمرتكبين لا ان ينتهي الامر بتوقيف بضعة اشخاص و"تلبيسهم"، كل ما جرى رغم اقدامهم على التخريب والحرق والشغب ولكن لمصلحة من يعملون ؟ ومن اعطاهم القنابل؟ ومن يمولهم؟
في المقابل تؤكد اوساط امنية بارزة لـ"الديار" ان القوى الامنية تقوم بواجباتها، ولم يكن هناك اي خلل، ولكل ارض وتحرك بيئته وظروفه. والاجهزة لا تشتغل بالسياسة هي تنفذ توجيهات السلطة السياسية، واي اتهام بالتقصير او الخلل او التواطؤ تحقق فيه المحكمة العسكرية والقضاء والسلطة المعنية والمسؤولة عن الاجهزة.
بدورها ترى اوساط بارزة في "الثنائي الشيعي" لـ"الديار" ان ما يجري في طرابلس خطير، ولا بد من خطوات حاسمة قضائية وامنية، لمنع التعرض لاي مؤسسة عامة، او التخريب والشغب مما يعرض السلم للاستقرار.
وتقول ان حتى الساعة، ليس لدينا معلومات نهائية وحاسمة عما جرى ومن يقف وراءه بالكامل لناحية التحريض واعطاء الاوامر، كما المحير هو الاجابة عن سؤالين: من يقف وراء ما جرى بالدرجة الاولى وما هو هدفه؟ ومن المستفيد بالدرجة الثانية؟
وتكشف الاوساط انه بات لدى "حزب الله" حتى الساعة صورة عما جرى ويجري ولكن الحزب ومع ادانته لاي تخريب وشغب والتعدي على مؤسسات الدولة والمنشآت العامة، يتريث في الحكم على ما يجري في انتظار اكتمال الصورة.
وتقول الاوساط ان لا يمكن استبعاد الفرضية الداخلية والتخريب المرتبط بالصراعات الداخلية لكن الاستفادة مما جرى في طرابلس امس الاول لا تخدم احداً بالمعنى الدقيق، ولكنها تصوب على العهد، والمجلس الاعلى للدفاع والذي يدير البلاد، ويتخذ القرارات الصحية والامنية اليوم في ظل استقالة الحكومة المستقيلة من تصريف الاعمال والقيام بواجباتها!
وتقول ان فرضية تورط الرئيس المكلف و"تيار المستقبل" موجودة، لكنها عملياً تجعله المتضرر الاول من جهة لكونها ساحة افلتت منه.
ولكون الساحات التي تحركت في طرابلس والبقاع الاوسط وحتى بعض ناشطي ايليا يمكن ان يحسبوا على السنة والحريري و"المستقبل".
وتضيف ربما : بعد الذي جرى في طرابلس من احراق البلدية ومحاولة احراق المحكمة والسراي في طرابلس قد يجعلان من الشارع الطرابلسي يلتف حول الحريري وان يشد عصبه مرة جديدة ولكنه متضرر حكماً من اي فلتان امني واسع بهذا الحجم.
وتلمح الاوساط الى ان التقاطعات الامنية الموجودة، تشير الى اصابع مخابراتية سعودية- اميركية، وهناك اشارات لتحرك مجموعات مرتبطة بالاميركيين في الشمال وهدفها زعزعة الاستقرار وفرض الاشغال والتذكير بالمناخ التقسيمي في المنطقة والذي يرعاه الديمقراطيون وهم من المؤمنين بالشرق الاوسط الجديد وبتفتيت المنطقة وتقسيمها.
لذلك لا تستبعد الاوساط، وفي انتظار اكتمال الخيوط، ان تكون إدارة جو بايدن ومنظّروها وموظفوها اليهود وراء اعاد ة تسخين المنطقة عبر "داعش" واخواتها من العراق الى سوريا، ولبنان كوسيلة للضغط والتفاوض تحت النار، وطرابلس ساحة جاذبة وجاهزة وخاصرة رخوة اكثر من غيرها لترويضها وتحريكها سريعاً!