من المتوقع، ان تبدأ مصر بتوجيه دعوات إلى الفصائل الفلسطينية لعقد حوار وطني في منتصف شهر شباط الجاري اذا لم تطرأ اي تغييرات غير متوقعة، وذلك لبحث الآليات المُتعلّقة بإجراء الانتخابات التشريعية، الرئاسية والمجلس الوطني والتوصل الى اتفاق شامل يضمن توفير المناخات المناسبة لها لجهة حريتها وشفافيتها والقبول بنتائجها بحيث يكون الشعب صاحب القرار من خلال صندوق الاقتراع.
ودعوة القاهرة تأتي بعد الاتفاق الثنائي بين حركتي "فتح" و"حماس" على اجراء الانتخابات بالتوالي ووفق مهل زمنية محددة، والتي ترجمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" باصدار مراسيم تحديد مواعيد إجرائها: التشريعية في 22 أيار، والرئاسية في 31 تموز، والمجلس الوطني في 31 آب من العام الجاري بعد التعديل على قانون الانتخابات رقم(1) لسنة 2007، والذي يسمح بإجرائها بشكل متوالٍ، وليس بالتزامن كما نص القانون قبل التعديل، في وقت تخلّت فيه "حماس" عن شرط تمسكت به طوال الحوار مع "فتح"، وهو "التزامن" في إجراء الانتخابات وليس التوالي.
وأبلغت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان المشاركين في حوار القاهرة، هم مسؤولو الفصائل الفلسطينية المُنضوية في اطار "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" والمُجمّدة العضوية منها اي "الصاعقة"، "القيادة العامة"، ومَنْ لم تنضم إليها بعد أي حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، مستبعدة في الوقت نفسه بروز عقبات او ظهور عراقيل كبيرة بعدما جرى التوافق على معظم القضايا العامّة، بحيث يركز الحوار على بحث بعض التفاصيل ومنها ما يتعلّق بتشكيل القوائم، واعتماد الأراضي الفلسطينيّة دائرة انتخابيّة واحدة، وفق قانون النسبية، وصولا-وهو الاهم، الى اعلان موقف موحد من كافة الفصائل وليس من حركتي فتح" (التي قرّرت تشكيل وفد منها برئاسة أمين سر اللجنة المركزية للحركة اللواء جبريل الرجوب، للمُشاركة في جلسات حوار القاهرة) و"حماس" التي سيتولى رئاسة وفدها نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري.
زيارة لافتة
وفيما تستعد القاهرة لاستقبال ممثلي الفصائل، برز تطور لافت ذات ترابط وبشكل مباشر، تمثل بدخول روسيا على الخط، اذ استضافت وزارة الخارجية الروسيّة وفدا رفيع المستوى من تيار "الإصلاح الديمقراطي" في حركة "فتح" بزعامة القيادي (المفصول من فتح) محمد دحلان، وترأسه القيادي سمير المشهراوي، وضم النائب ماجد أبو شمالة، جعفر هديب، محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" من الساحة اللبنانيّة (وفي المشاركة دلالة تنظيميّة)، حيث عقد لقاءات ثنائية مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ومبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف ومساعديه، وقد ناقش الطرفان مجمل المستجدات السياسيّة الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة وانعكاساتها على القضية الفلسطينية.
وفق المعلومات الفلسطينية التي بُلّغَت بها "النشرة"، فإن الهدف من الزيارة بحث امكانية إنهاء الانقسام وتوحيد حركة "فتح" التي تعتبر العمود الفقري لمنظمة التحرير والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني أمام استحقاق الانتخابات التشريعية القادمة، وعلى قاعدة أنّ الحوار داخل "فتح" وبين كافة الفصائل الفلسطينية هو الطريق الأمثل للوصول إلى الوحدة الوطنيّة والعمل المشترك لمواجهة كافة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وفيما استبعد مسؤولو "فتح" انجاز اي تقارب مع دحلان نظرا للشرخ الكبير بين الطرفين، سرّبت اوساط أخرى ان اللقاء جاء في اعقاب الإجتماع الذي عقد بين مديري مخابرات كلا من مصر والاردن مع الرئيس الفلسطيني عباس ورسم خلاله خارطة طريق لتوحيد الحركة ومواجهة اي فوز كبير لحركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، وهو أمر يمكن ان توافق عليه دولة الامارات وتساهم فيه ولكن القرار النهائي بيد الرئيس عباس وحده، الذي لا يبدي اي اندفاعة، ثم بالمحيطين به، ولكل منهم حسابات كثيرة ومعقدة تتصل مستقبلا بالرئاسة الفلسطينية وسواها.
اختيار الموت
وبين مساعي المصالحات المصرية والروسية، يضيق خناق جائحة كورونا" على المخيمات الفلسطينية في لبنان ويتغلغل بين أبنائها حاصدا المزيد من الاصابات والوفيات، في وقت تتصاعد فيه وتيرة الانتقادات لوكالة "الاونروا" في ادارة الظهر لخوض هذه المعركة وفق مخاطرها الجمة، واستغرب عضو "اللجنة الشعبية" الفلسطينية لمخيم عين الحلوة عدنان الرفاعي، عدم اعلان الوكالة حتى الان حالة "الطوارىء الصحية" أسوة بما فعلت الدولة اللبنانية للحد من تفشي الفيروس وهي التي تملك نظاما صحيا كاملا، متسائلا في الوقت نفسه أين تصرف الادارة مبلغ 12 مليون ونصف المليون دولار المخصص لقسم الصحة في لبنان، وهي تقبضهم بالدولار الطازج "فرش" وتتعامل على اسعار مختلفة مع حسابات المرضى والمستشفيات، محذرا من مخطط لضرب صمود ابناء المخيمات وادخالهم بحالة اضافية من الاحباط واليأس، داعيا المفوض العام فيليب لازاريني الى القيام بواجباته كاملة كي لا يبقى الشعب الفلسطيني امام ثلاثة خيارات في الموت: على ابواب المستشفيات، او جوعا وفقرا، او في "قوارب الموت" اثناء الهجرة من لبنان الى دول أخرى سعيا وراء القوت اليومي والعيش بكرامة، وهي المؤسسة الدولية التي أنشئت لغوث وتشغيل اللاجئين وليس لتفقيرهم ودفعهم نحو الموت"، مشددا على "اهمية بدء حراك احتجاجي من القوى السياسية والشعبية والشبابية والمبادرات وهيئات المجتمع المدني، وضمن الاجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس "كورونا" للضغط على الادارة واجبارها على تحمل مسؤولياتها.
يذكر ان "الاونروا" أعلنت انها تحتاج في العام 2021، الى نحو 806 مليون دولار لادارة دفة خدماتها العادية، ونحو 550 مليون دولار لادارة خدماتها الطارئة والمنقذة للحياة في الاراضي الفلسطينية المحتلّة (الضفة الغربية وغزة)، اضافة الى سوريا، بعدما رحّلت عجزا ماليا من العام 2020 نحو75 مليون دولار اميركي، وسط تخوف من لارازيني من ان يكون هذا العام 2021، عاما ماليا حرجا خصوصا في ظل استمرار جائحة "كورونا" الصحية وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية.