هل ينجح تحالف نتنياهو وابن سلمان بعرقلة توجهات بايدن أم أولوية المصلحة الأميركية ستتقدّم…؟
منذ 6 ساعات92
} حسن حردان
تزداد المؤشرات والدلائل على سلوك كلّ من رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المتضرّرين من توجهات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، نهجاً تصعيدياً للضفط على إدارة بايدن لأجل تحقيق ما يلي:
أولاً، دفع الإدارة الأميركية الجديدة للأخذ بشروط الرياض وتل أبيب بشأن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب بتحريض صهيوني سعودي، كان قد فشل سابقاً في ثني الرئيس السابق باراك أوباما عن الإقدام على توقيع الاتفاق باعتباره أقلّ الخيارات سوءاً بالنسبة للولايات المتحدة واستراتيجيتها في المنطقة.
ثانياً، عدم التراجع عن قرار الرئيس السابق ترامب بإدراج حركة أنصار الله على لائحة الإرهاب الأميركية، ودعم موقف الرياض في شروطها لوقف الحرب، وعدم الضغط عليها والتراجع عن قرارها تعليق صفقات بيع السلاح للسعودية.
فمن الواضح أنّ إدارة بايدن تسعى للعودة إلى الاتفاق النووي وكذلك وقف حرب اليمن، في سياق خطة الحدّ من الخسائر والتداعيات السلبية الناتجة عن الاستمرار بالانسحاب من الاتفاق ومواصلة الحرب الفاشلة ضدّ اليمن، وبالتالي ضرورة التكيّف مع المتغيّرات، والممكن تحقيقه في هذه المرحلة بعيداً عن أوهام وأحلام نتنياهو وابن سلمان، والمحافظين الجدد في واشنطن، الغير قابلة للتحقق… فيما الاستمرار فيها يقود إلى المزيد من النتائج السلبية على التحالف الأميركي الصهيوني السعودي.
على أنّ أكثر الرسائل السعودية الصهيونية التي أرسلت بشكل غير مباشر للتأثير على توجهات إدارة بايدن… تجسّدت بالآتي:
1 ـ إقدام المسؤولين الصهاينة، السياسيين والعسكريين على تصعيد تصريحاتهم النارية التي تهدّد بالحرب ضدّ إيران، والتي كان آخرها تصريح رئيس الأركان افيف كوخافي، الذي حذر سكان لبنان وغزة وهدّد بشنّ الحرب ضدّ إيران لتدمير برنامجها النووي والصاروخي… وهو ما آثار موجة انتقادات «إسرائيلية».
2 ـ إقدام جهة مجهولة، على إطلاق بضعة صواريخ على الرياض واتهام أنصار الله بالوقوف وراء القصف ضدّ المدنيين، لدفع إدارة بايدن إلى عدم الانفتاح على حركة أنصار الله… ووقف قرار وضعها على قائمة الإرهاب.
3 ـ إقدام تنظيم داعش على تنفيذ تفجيرات دموية في بغداد وشنّ سلسلة عمليات في سورية، وعودة قادة الجماعات المسلحة في جنوب سورية إلى الانقلاب على اتفاق المصالحة مع الدولة السورية، وشنّ هجمات مسلحة ضدّ قيادات أمنية وقوات الجيش، ورفض الجماعات المسلحة الموافقة على أيّ اتفاق مع الدولة يقضي بترحيلها إلى إدلب… ويرى المراقبون انّ كلّ هذه الأحداث الأمنية تحمل البصمات الصهيونية السعودية، للقول لواشنطن، انّ الرياض وتل أبيب تملكان قدرة على إعادة تصعيد الحرب الإرهابية في سورية والعراق واستنزاف وإرباك حلف المقاومة، وأنّ واشنطن ليست مضطرة إلى التفكير بأخذ قرار سحب قواتها من دون شروط تأخذ بالاعتبار المطالب الصهيونية السعودية.
4 ـ موجة العنف والتخريب والاعتداء على القوى الأمنية والعسكرية والمؤسسات الحكومية اللبنانية، وحرق السراي ومبنى البلدية وبعض المحلات في مدينة طرابلس، والتي نفذت من قبل مجموعات مشبوهة ومأجورة، ليست بعيدة عن التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالاستخبارات السعودية، التي تحركت، تحت غطاء استغلال الأزمة الاجتماعية المعيشية المتفاقمة في البلاد، وتفجر الاحتجاجات بسببها، فهل هي صدفة أن تحصل أعمال التخريب والعنف في طرابلس بالتزامن مع عودة هجمات داعش في العراق وسورية؟
وهل هي صدفة أن تحدث أعمال العنف المريبة في طرابلس بالتزامن مع الحراك الفرنسي لإنعاش تشكيل الحكومة، للقول انّ الرياض قادرة على التفجير والتعطيل إذا لم تأخذ واشنطن بوجهة النظر والمطالب السعودية التي أيّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟
الأكيد أنّ الأمر ليس صدفة، وكلّ ما حدث، تمّ توقيته مع إعلان إدارة بايدن توجهاتها الجديدة ومن ثم تعيين روبرت مالي، مستشار السياسة الخارجية السابق في عهد إدارة أوباما، مبعوثاً خاصاً للشأن الإيراني، الأمر الذي فسّره المراقبون على أنه دليل على جدية بايدن بالعودة للاتفاق وتطمين طهران لهذه الوجهة لكون مالي من أكثر المؤيدين للاتفاق ووقف الحروب وعقد التسويات، ولهذا جنّ جنون ابن سلمان ونتنياهو وكلّ من يدور في فلكهما في لبنان وعموم المنطقة.
لكن هل ستنجح خطة التصعيد والضغط الصهيونية السعودية بتحقيق أهدافها في دفع إدارة بايدن إلى الاستجابة لمطالب نتنياهو وابن سلمان بما خص الموقف من ملفات المنطقة، أم أنها ستواجه الفشل، على غرار الفشل الذي واجهته في سعيها لمنع إدارة أوباما من التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015؟
الواضح أنّ الفشل سيتكرّر، وإدارة بايدن عازمة على العودة للاتفاق النووي، وستكون مضطرة للموافقة على صيغة للعودة، تقبل بها طهران، رغم الاعتراضات السعودية الصهيونية، وذلك للأسباب التالية:
السبب الأول، عندما تتعارض المصلحة الأميركية مع المصالح الصهيونية السعودية، فإنّ أولوية المصلحة الأميركية هي التي تتقدّم، وتجبر حلفاء أميركا على الخضوع والتكيّف معها… فالعودة للاتفاق النووي مصلحة أميركية، ولهذا فإنّ إدارة بايدن ستعمل على ترويض الرياض وتل أبيب بما ينسجم مع الوجهة الأميركية من ناحية، وفي نفس الوقت تطمينهما بأنه لن يكون هناك أيّ تخلّ عن الدعم الأميركي لهما من ناحية ثانية.
ثانياً، تعتبر واشنطن انّ العودة للاتفاق النووي هو الخيار الوحيد المتاح والأقلّ سوءاً بالنسبة للسياسة الأميركية، في ضوء المخاطر الكبيرة لسلوك خيار الحرب على القواعد والقوات الأميركية في المنطقة، وعلى الكيان الصهيوني من جهة، وعدم جدوى الاستمرار في خيار فرض الحصار والعقوبات على إيران من جهة ثانية…
السبب الثالث، أثبتت التجربة أنّ واشنطن عندما تقرّر تنفيذ أمر ما فإنها تقدم عليه وتلزم الدول التابعة لها بالتعاون معها بشأنه، أو الرضوخ لمشيئتها، فواشنطن هي التي ترسم السياسات وتضع الاستراتيجيات التي تخدم مصالحها الاستعمارية، وعلى الرياض وتل أبيب اتباع ما ترى فيه واشنطن مصلحة لها ولحلفائها، وفي حال أصرّتا على مواصلة العرقلة، فإنّ واشنطن تملك القدرة والوسائل لكيفية إخضاعهما لتوجهاتها…
من الواضح أنّ نتنياهو وابن سلمان يخوضان حربهما الأخيرة للحفاظ على مستقبلهما السياسي الذي يبدو أنه أصبح مهدّداً نتيجة فشل حروبهما، وخسارة حليفهما، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، معركة الفوز مجدّداً في الانتخابات الرئاسية.
لكن لا يجب للحظة أن يعتقدن أحد بأنّ إدارة بايدن عندما تعود إلى الاتفاق النووي وتنجح في وقف حرب اليمن سوف تتحوّل إلى حمامة سلام… بل على العكس علينا أن نستعدّ لمواجهتها في ميدان الحرب الناعمة، بسدّ الثغرات في صفوفنا، وتحصين جبهتنا الداخلية عبر انتهاج وترسيخ سياسات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتمتين أواصر تحالف دول وقوى المقاومة في المجالات كافة، بحيث تشمل إلى جانب الميدان العسكري والسياسي والدبلوماسي، ميادين الاقتصاد والتطور العلمي، على طريق تحقيق طموحات الأمة بمواصلة طريق المقاومة الشعبية والمسلحة لإنجاز التحرر من الاحتلالين الأميركي والصهيوني.. وكلّ أشكال الهيمنة الاستعمارية.