لفتت صحيفة "الفاينانشال تايمز" البريطانيّة، في مقال بعنوان "جو بايدن ليس مرشدا لليسار الضائع في أوروبا"، إلى أنّ "في كانون الثاني 1993، قام زعيم "حزب العمال" توني بلير، بجولة في واشنطن مع نائب بريطاني آخر اسمه جوردون براون، لتوضيح كيف فاز الرئيس المنتخب بيل كلينتون بالمنصب، وما قد يتعلّمه "حزب العمال" المهزوم أربع مرّات".
وأوضحت أنّ "أقران بايدن من يسار الوسط هم خارج السلطة في كلّ من بريطانيا وفرنسا وأستراليا وهولندا. وفي ألمانيا، لم يشغلوا منصب المستشاريّة الفيدراليّة منذ عام 2005، كما هو الحال في البرازيل أيضًا"، مشيرةً إلى أنّ "الحقيقة، أنّ قيود السفر الّتي فُرضت لمكافحة فيروس "كورونا" في الولايات المتحدة الأميركية، أنقذت هؤلاء المتعلّمين المتحمّسين. إذ أنّ بروز الديمقراطيّين جاء نتيجة توعّك يسار الوسط، وهذه الأسباب لا يمكن تطبيقها كثيرًا خارج الولايات المتحدة".
ورأت الصحيفة بحسب المقال، أنّ "نظام الحزبين الصارم يحمي (في الحقيقة بشكل أكثر من اللّازم) شاغلي المناصب، بحيث يمكن حتّى للديمقراطي المتعثّر أن يفوز بما يقرب من نصف الأصوات في الانتخابات الرئاسية. إنّ عروق الفكر الليبراليّة والعمّاليّة والخضراء، والّتي غالبا ما تكون متميّزة في أوروبا، محشورة في حركة أميركيّة واحدة فقط".
وذكرت أنّ "العرق يضيف إلى هذه الميزة الهيكليّة. إذ يمكن المبالغة في الميل اليساري للأقليّات (حقّق الجمهوريّون مكاسب خاصّة بين اللاتينيّين)، لكنّه غالبًا ما يكون مهمًّا. قليل من الديمقراطيّات الأوروبيّة لديها التنوّع العرقي للولايات المتحدة، لذا فإنّ قلّة من الأحزاب اليسارية لديها القدرة الانتخابيّة للديمقراطيّين". وركّزت على أنّ "على الرغم من شهرة الحرب الثقافيّة الأميركيّة، فإنّ الطبقة الفقيرة إلى المتوسطة في أوروبا هي الأكثر حريّة في التصويت على القيم. إذ أنّ مصلحتهم الماديّة في الخدمات العامّة والإجازة القانونيّة مدفوعة الأجر، لا تتوقّف كثيرًا على تغيير الحكومة".
كما أفادت بـ"أنّنا إذا نظرنا إلى اليسار الأوروبي، فسنجده ليس غير كفء بشكل فريد فقط، إنّه مجّرد شخص غريب الأطوار"، متسائلةً: "ما هي أهميّة الحركة عندما تحظى قضيّتها المركزيّة -إعادة التوزيع- بموافقة منافسيها، على الأقل في الأساسيّات؟ حتّى لو كانت الأحزاب التقدمية تقدّم رفاهيّة أكثر وأفضل (وهذا خيار مكلف)، فلا يمكن مقارنتها بالتعهّد بتقديم الرعاية الصحيّة الشاملة في بلد يفتقر إليها كالولايات المتحدة".