أشارت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، في بيان، إلى أنه "بعد أن توصل العلماء إلى إيجاد مجموعة من اللقاحات المضادة لجائحة كوفيد19، تعتبر الكنيسة من بعد متابعتها لنتائج البحوث الطبية المختلفة واستشارة أصحاب الاختصاص، أن مسألة التقليح لا تختص بحقل الدراسات اللاهوتية والروحية الإيمانية، وإنما بالحقل العلمي والطبي والمراجع المعنية به، فيكون القرار بشأنها قرارا شخصيا، يعود لكل شخص اتخاذه بالتنسيق مع طبيبه".
وأوضحت أنه "بما أن هذه الجائحة لا تزال تشكل خطرا على الحياة الإنسانية كون أن المعنيين لم يجدوا لها العلاج الشافي بعد، رغم ما يشكله اللقاح من وقاية منها نرجوها فعالة، فإن الكنيسة تلفت انتباه أبنائها إلى أهمية استمرارهم بالالتزام بكافة الإجراءات التي تدعوهم إليها الجهات المسؤولة والمختصة، أكان قبل التلقيح أم بعده، وذلك لمزيد من صون سلامة المجتمع والحياة الإنسانية، علما أن اللقاحات المعروضة قد أنجزت في فترة قياسية غير اعتيادية بهدف الحد من انتشار الوباء، وذلك بفضل التقدم الطبي والتكنولوجي وتضاف الجهود وتوفير الموارد اللازمة".
وحذرت الكنيسة من "أي استغلال سياسي أو تجاري لموضوع اللقاحات، خاصة من حجبها عن الفئات المهمشة وتوزيعها بشكل يخالف أسس المساواة والعدالة والتعاضد بين جميع الناس"، لافتة إلى أن "الكنيسة إذ تتفهم وجود آراء مختلفة نابعة من مخاوف وهواجس يتم تداولها على غير صعيد، خصوصا في ظل تقاذف إعلامي مستمر وجوٍ من الخوف والقلق والتهويل الذي أثارته طريقة طرح موضوع الصحة العامة والضغوط الكثيرة التي مورست أو تمارس، كما والرغبة في الحفاظ على عطية الحياة، دون أن تغفل الخلفية الإيمانية والروحية التي انطلق البعض منها في طرح هذه المسألة، تؤكد أن هؤلاء جميعا يبقون، على اختلاف آرائهم ومواقفهم أبناءها، وتدعوهم إلى الحفاظ على رباط السلام والوحدة والمحبة الذي يجمعنا في المسيح".
وأضافت: "لا شك أن جميع التدابير الوقائية والصحية واللقاحات مفيدة لسلامتنا الجسدية، ولكن يجب ألا نغفل أيضا أهمية سلامتنا الروحية، التي تقتضي منا الانتباه إلى تلك "المسافة الآمنة" التي نضعها بيننا وبين الله وأخينا الإنسان وبيئتنا الطبيعية، كوننا نعيش في غربة عن الله، وفي صراع مع أخينا، وفي تعد على بيئتنا الحيوية واستهلاك نهم لمواردها".
وأشارت إلى أن "هذا يعالج بتغيير سلوكنا عبر توبتنا الصادقة بالعودة إلى الله بالصلاة وحياة الشركة والخدمة، بالصوم عما يؤذينا ويؤذي أخانا وبيئتنا، مع ما يعني ذلك من عيش لسر شكر الله على عطاياه ومراحمه، وتغذية رجائنا بالكلمة الإلهية وسير القديسين وتعاليمهم. فالشركة الدائمة مع الله وجميع قديسيه تنهض بالكنيسة المجاهدة إلى لقاء الكنيسة الظافرة، فتسكب الثانية على الأولى نعم الله فتتجلى فيها روح الشجاعة والمروءة والتعاضد الصادق والمحب مع إخوتنا البشر".
وشددت على أن "الفرح النابع من إيماننا بأن المسيح معنا حتى انقضاء الدهر يجعلنا رفاق درب مع الذين سلكوا طريق الجهاد من آبائنا في كل زمانٍ ومكانٍ، ويقوينا في مواجهة كل شر وسوء، ويجعلنا مثلهم، نتغلب بنعمة الله وتضافر المساعي والجهود على التحديات التي تعترض مسيرتنا، لكي يتمجد الله في أقوالنا وأعمالنا".