فجأة، ومن دون أن يعرف اللبنانيون لا سيما أهالي ضحايا وجرجى إنفجار مرفأ بيروت لماذا وكيف ولأي أسباب قانونية، اعلن المحقق العدلي القاضي فادي صوان وقف تعليقه للتحقيقات التي سبق له أن علقها في 17 كانون الأول الفائت. نعم لماذا وكيف ولأي أسباب قانونية؟! هي أسئلة أصحبت أكثر من مشروعة بعدما علق صوان تحقيقاته خلافاً لكل القوانين، ولم يعلن لأي سبب قانوني اوقفها وكيف أعاد إحياءها، كل ذلك متخطياً المادة 340 من قانون أصول المحاكمات الحزائية التي تنص على أن طلب نقل الشكوى الى قاضٍ آخر للإرتياب المشروع (المقصود الطلب الذي قدمه الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر الى محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار) لا يوقف السير بالتحقيقات، وبالتالي الى هذه المادة كان يجب أن يستند القاضي صوان لعدم وقف تحقيقاته وهذا ما لم يقدم عليه.
"أسوأ ما في الأمر في إستئناف تحقيقات المحقق العدلي" تقول مصادر قضائية بارزة "هو في تركيز القاضي صوان كما كان في المرحلة الأولى على جرمي الإهمال والتقصير وعدم التركيز على الجرم الأساسي، وهنا المقصود جناية إستقدام نيترات الأمونيوم الى لبنان وتركه في المرفأ من قبل شركات أجنبية سهل مهمتها لبنانيون الى أن وصلنا فيما بعد الى جرم الإهمال والتقصير، أي في عملية تخزين النيترات في العنبر رقم 12 وتركه لست سنوات في ظروف سيئة، ومن ثم تلحيم باب العنبر الأمر الذي ادى الى إنفجاره ووقوع الكارثة.
بالتأكيد يجب أن يتم التحقيق مع قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي كما أعلن صوان بالأمس لمعرفة أسباب غض الجيش النظر عن دخول أطنان النيترات وعدم توليه عملية التخلص منها وإقتصار تدخله في الملف على إقتراح عرضها على شركة الشماس للمتفجرات ولكن تقول المصادر القضائية، منذ أن علق صوان تحقيقاته في كانون الأول الفائت وحتى اليوم تكشفت حقائق كثيرة تتعلق بالشركات الاجنبية التي أرسلت نيترات الأمونيوم الى لبنان وأصدر الإنتربول النشرة الحمراء لمالك سفينة روسوس وقبطانها الروسيين ولتاجر النيترات البرتغالي الذي زار المرفأ سابقاً وكشف على النيترات بحجة شرائه، أيضاً وأيضاً تكشفت حقائق خطيرة تتعلق بتزوير في ملفات الشركات الأجنبية كسافارو التي إشترت النيترات من جورجيا وباعته الى شركة في الموزمبيق والتي تبين أنها مسجلة في بريطانيا من دون أن تصرح عن إسم مالكها الحقيقي، والتي طلبت التصفية الطوعية معتبرة أنها لم تقم بأي نشاط تجاري منذ العام 2008 الأمر الذي رفضته السلطات البريطانية بناء على طلب عدد من المحامين اللبنانيين، وفي هذا السياق لا يجب أن ننسى التزوير المكتشف في ملف شركة النقل أغروبلاند التي تثبت المستندات الموجودة بحوزة القضاء اللبناني أنها مسجلة في بريطانيا وجزر العذراء البريطانية، لكن السلطات البريطانية سبق أن أبلغت القضاء اللبناني ان أغروبلاند غير مسجلة في جزر العذراء ولا في بريطانيا.
من كل هذا التزوير الحاصل في ملف نيترات الأمونيوم يجب أن يعيد صوان إحياء تحقيقاته، لأنه إذا ركز فقط على جرمي الإهمال والتقصير كما فعل في المرحلة الماضية، لن يصل الى حقيقة من أرسل النيترات الأمونيوم الى لبنان، وهنا بيت القصيد في الجريمة المرتكبة.