كثُرت الدعوات مؤخراً لتدويل الأزمة اللبنانية، والتحذيرات منه، فبعد المطالبات بتدويل: التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت، والملف الحكومي وتعديل النظام اللبناني. تبرز اليوم مطالبات بتدويل التحقيق في مقتل الناشط لقمان سليم، وكل ذلك على وقع مشاورات دولية–إقليمية–محلية، لتسهيل تشكيل الحكومة.
في البداية لا بد من التوقف عند مطلب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، لتدويل الأزمة، أو ما يسميه البطريرك، طلب المساعدة من الأمم المتحدة، الأمر الذي تراه مصادر قيادية في فريق 8 آذار مطلباً قديماً، عمره حوالي 15 عاماً، فمنذ الخروج السوري من لبنان واغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، انتقل الملفّ اللبناني من يد تحالف دولي بقيادة سوريا، إلى عدّة تحالفات، جعلت الأوضاع السّياسية في لبنان صعبة للغاية.
تؤكد المصادر أن دعوات البطريرك مفهومة في هذه الظروف، خصوصاً انه من أطلق فكرة الحياد ويريد تبنّي النظريّة من قبل الدول الغربيّة، وعلى رأسهم الفاتيكان، الذي وجد أن الوقت لا يزال غير صالح حالياً لتعديل النظام اللبناني، مشدّدة عبر "النشرة" على أنّ طرح الراعي لن يثير الحساسيّات لأنّه يعلم كما الجميع أنه لا يمكن لأحد فرض أيّ شيء على الآخرين، وبالتالي فإن أيّ مسار للازمة، وأيّ تطوير للنظام، وأيّ تسويات لا يمكن أن تنطلق إلا من وفاق وطني شامل.
في الملفّ الحكومي فلا شكّ أنّ شباط يشهد تسارعاً بوتيرة المشاورات الخارجية والداخلية في سبيل تسهيل تشكيل الحكومة اللبنانيّة، وتُشير المصادر إلى أّن كل المعطيات تؤكد حلحلة هذا الملفّ خلال أسابيع قليلة، مشدّدة على أنّ إشارات إيجابية عديدة تؤكد ذلك أبرزها:
زيارة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى مصر، والتي تسري معلومات عن أنها تسلّمت من السعوديين ملفّات عديدة في المنطقة منها ملفّ لبنان، إذ تؤكّد المصادر أنّالزيارة كانت ناجحة، والحريري يصرّ هذه المرّة علىأن لا يكرّر خطأه السابق، أي تشكيل حكومة دون رضى السعوديين والدول العربية،لأن ذلك يعني إقفال الباب العربي والخليجي بوجهه، وهذا ما يعني فشل أيّ حكومة مستقبلاً.
عودة السفير السعودي إلى بيروت بعد غياب دام أشهر، وهذا الأمر تعتبره المصادر رسالة إيجابيّة بشأن الموقف السعودي المتصلّب تجاه لبنان في الأشهر الماضية. زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء القطري إلى بيروت، على عجل، وهنا تكشف المصادر أنّ القطري لم يُعلن عمّا في جعبته على الملأ، إذ أنّه يحمل أفكاراً لمساعدة بيروت على تشكيل الحكومة، وهذه الأفكار ليست بعيدة عن الأميركيين، ولا عن المبادرة الفرنسيّة التي يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حشد التأييد الدولي لها بشكل واسع.
وتضيف المصادر: "من الإشارات الإيجابيّة أيضاً، التواصل بين الفرنسيين وحزب الله، خصوصاً في الأيام الماضية حيث تمكّن الحزب من إقناع الفرنسيين بمقاربة مختلفة للحكومة، تمنع أي طرف من استغلال المبادرة الفرنسية لمصلحته، والعمل بواقعية سياسية أكبر".
ينتظر لبنان اليوم نتائج التواصل الفرنسي مع الدول الخليجيّة، ويسعى الحريري لحشد الدعم العربي للحكومة قبل ولادتها، وما على اللبنانيين إلا التواصل فيما بينهم لمدّ جسور العبور من الفراغ إلى مجلس الوزراء.