أشارت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، كلودين عون، إلى أن "المآسي البشرية كانت لتكون أخطر بأضعاف لولا كانت النساء غائبات عن المشاركة في الجهود المبذولة لمكافحة وباء "كوفيد 19"، إن على صعيد العمل الطبي والخدمات الصحية أو على صعيد القيام بالأدوار الاجتماعية والتربوية والاقتصادية داخل الأسرة وخارجها".
وخلال مشاركتها في اجتماع الدورة الـ40 للجنة المرأة العربية، لفتت عون إلى أن "مواجهة جائحة "كوفيد 19" التي تفتك بسكان الأرض بأسرها، أثبتت كم هي أساسية الأدوار التي تقوم بها النساء في المجتمعات لتمكينها من التصدي للأزمات من أي نوع كانت. فالمآسي البشرية كانت لتكون أخطر بأضعاف لولا كانت النساء غائبات عن المشاركة في الجهود المبذولة لمكافحة الوباء إن على صعيد العمل الطبي والخدمات الصحية أو على صعيد القيام بالأدوار الاجتماعية والتربوية والاقتصادية داخل الأسرة وخارجها".
كما شددت على أنه "في خضم الأزمة الصحية التي ازدوجت في لبنان مع أزمة اقتصادية ومالية زاد من تعقيداتها الانفجار المدمر في مرفأ بيروت، تثبت النساء في كل يوم القدرة والكفاءة والإرادة والاندفاع للنهوض مجدداً"، موضحاً أنه "في الجسم الطبي والتمريض كما في الجسم التربوي، داخل الأسرة وفي القطاعات المهنية والإنتاجية، تشارك النساء في تسيير أمور الحياة اليومية كما شاركن في الصيف الماضي في رفع الركام عن منازل وشوارع بيروت".
وتابعت عون، "مع ذلك كشفت جائحة كورونا كم هو هش وضع المرأة في مجتمع لم يتخلص بعد من عقدة تفوق الرجال على النساء، الموروثة من العصور السابقة. وأظهرت الجائحة حاجة إلى اعتماد تدابير غير عادية لتأمين حماية النساء ضحايا العنف ولإتاحة الفرص أمامهن للوصول إلى العدالة على الرغم من قيود الحجر المنزلي. فنتيجة للتوترات داخل الأسر التي نتجت عن هذه القيود ونتيجة للضيقة الاقتصادية السائدة والنزاعات العنفية تجاه النساء التي لا تزال رائجة في المجتمع، زادت حالات العنف الأسري المبلّغ عنها لدى القوى الأمنية بواسطة الخط الساخن الخاص بحالات العنف الأسري".
وأكدت أنه "تجاه هذا الوضع تجاوبت السلطات القضائية في لبنان مع مطالب الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية واعتمدت مجموعة من التدابير الخاصة أتاحت بموجبها لعناصر الضابطة العدلية فتح محاضر فورية في جميع قضايا العنف الأسري حتى في حالات الجرائم غير المشهودة وسمحت بعدم اشتراط حضور الضحية إلى مركز الضابطة العدلية للاستماع إلى إفادتها، في حال أدلت بأنها لا يمكنها الانتقال، ووافقت السلطات على أن يتم التحقيق في هذه الحالات بواسطة الوسائل الإلكترونية."
على مستوى آخر، أعارت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية خلال العام المنصرم اهتماماً خاصاً برصد حالات العنف والتعرف على البيئات المحيطة بحصوله فيها وعلى ميزات شخصيات مرتكبي الأعمال العنفية وضحاياهم، ذلك بهدف التمكن من رسم سياسات فعالة لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية. وتخطط الهيئة اليوم لإرساء أسس لآلية دائمة تعمل على رصد التبدل في المؤشرات الدالة على أوضاع النساء بما فيها حالات العنف.
وعملت الهيئة أيضاً خلال العام المنصرم على تنظيم حملات توعية بهدف تشجيع ضحايا العنف الأسري أو أي شاهد أو شاهدة لحالة منه، على إبلاغ قوى الأمن بالاتصال برقم خط ساخن استحدثته القوى الأمنية خصيصاً لهذا الغرض. كذلك آزَرَتْ الهيئة الجهود التي قامت بها القوى الأمنية لتحذير المواطنين والمواطنات من الخضوع للابتزاز والتحرش الجنسي المقترف بواسطة سبل التواصل الاجتماعي ولتشجيعهم على تبليغ القوى الأمنية عن مثل هذه الأعمال عبر الاتصال الهاتفي أو الإلكتروني. وفي أواخر العام الماضي، تكللت بالنجاح الجهود التي قامت بها الهيئة بالتعاون مع شركائها في المجتمع المدني والقطاع العام باعتماد المجلس النيابي لقانون يجرّم التحرش الجنسي، وبتعديله لقانون حماية أفراد الأسرة من العنف الأسري لتوفير حماية أفضل للنساء المعنفات داخل أسرهن."
ونوّهت في هذا الإطار بالدور الفعّال الذي لعبته السّيدات النواب في المجلس النيابي، وتحديداً في لجنة المرأة والطفل التي ترأسها الدكتورة عناية عزّالدين، بإقناعِ زملائهن في المجلس النيابي بإقرار هذه القوانين للنهوض بوضع المرأة على الصّعيد التّشريعي.
واعتبرت أنّه :" لما كانت مكافحة العنف ضد النساء تشكل ركناً أساسياً في السياسات الرامية إلى القضاء على التمييز المسيء إليهن، فقد اعتمدتها أيضاً الدولة اللبنانية كمحور أساسي في الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 لمجلس الأمن حول المرأة والسلام وبالإضافة إلى هدف وقاية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي وحمايتهن منه، رمت التدخلات التي نصت عليها الخطة الوطنية إلى تحقيق أهداف زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على جميع المستويات، ومساهمة المرأة في منع نشوب النزاعات وتلبية احتياجاتها في لإغاثة والإنعاش وإيجاد بيئة تشريعية تحول دون التمييز ضدها. وتقوم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بأعمال التنسيق بين مجمل الشركاء المعنيين بوضع هذه التدخلات موضع التنفيذ. وفي هذا الإطار، تعمل الهيئة اليوم بالاشتراك مع الإدارات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية على إجراء عملية مسح وتقييم للملاجىء، المخصّصة للنساء ضحايا العنف وعلى اعتماد تعريفات موحدة بين جميع الفاعلين في مجال مساعدة ضحايا العنف، للمفاهيم والتعبير التي تستخدمها في هذا المجال. وتعمل الهيئة أيضاً مع الشركاء من أجل تطوير سياسات وسبل جديدة لمكافحة الإتجار بالبشر ومن أجل تحديد العقبات التي تواجه النساء في الحياة السياسية والعامة وتلك التي
وعلى صعيد آخر، قالت: "تواكب الهيئة الجهود التي تبذلها الحكومة، على الرغم من الظروف الاقتصادية الدقيقة، لتنفيذ برنامج التمكين الاقتصادي للنساء في المشرق المدعوم من البنك الدولي ولرسم استراتيجية للإنماء الريفي تستفيد منها النساء. في خضم الأزمات التي نعيشها في لبنان تستمر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المطالبة بحق المواطنة الكاملة للمرأة، وباعتراف القانون بحقها في نقل جنسيتها إلى أولادها. وبعد أن قامت الهيئة، بطلب من رئاسة الحكومة، بإعداد مشروع قانون يوفر للبنانية هذا الحق، نعمل اليوم على التحضير لحملة كسب تأييد تستند إلى دراسة موضوعية تبين أحقية أولاد اللبنانية بجنسية والدتهم وتدحض الحجج التي تقوم عادة لنفيها أو لرفضها."
وأضافت: "لدينا في العالم العربي الطاقات الإنسانية والعلمية الكفيلة بالنهوض بمجتمعاتنا وليست الطاقات النسائية أقلها. لذا واجب علينا، كدول، الحرص على إنماء قدرات بناتنا كما قدرات أبنائنا وواجب علينا أن نزيل من أمامهن كما من أمامهم العقبات الناتجة عن الترسبات التاريخية كما عن القوانين المجحفة. بنوع خاص واجب علينا أن نرفع عن النساء والفتيات الخشية من التعرض لعنفٍ لا تؤمن الدولة حمايتهنَّ منه. آمل أن نوفق جميعاً في تخطي الصعوبات التي تعترض مساراتنا الإنمائية وأن ننجح في تحقيق آمال أجيالنا الصاعدة."
بموازاة ذلك، شاركت عون على هامش اجتماع اللجنة، في الاجتماع الإقليمي التحضيري العربي للدورة 65 للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بعنوان " نحو صنع القرار و المشاركة الكاملة والفعالة للمرأة في الحياة العامة، والقضاء على جميع أشكال العنف، لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات"، حيث نوقش البيان العربي الموحد الذي سيصدر عن الدول العربية في هذا الإطار، والذي حددت فيه أولويات المنطقة العربية في ضوء الدورة 65 للجنة وضع المرأة. وشكرت السيدة عون المنظمين على دعوتهم لهذا الاجتماع التّنسيقي، كذلك فريق عمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على جهودهم وشراكتهم وكلّ من عمل جاهداً وساهم، لاسيّما في ظلّ الظرف الذي يمرّ به العالم حالياً جرّاء جائحة كورونا، للتوصّل للمخرجات التي تمّ الاتفاق عليها في النصّ الذي يلخّص الموقف العربي الجامع. وقالت:" إنّ هذا النصّ، هو أساس لانطلاق المفاوضات في لجنة وضع المرأة في نيويورك. بالطبع، إنّنا نتفهم أن يكون لكلّ دولة موقفها وخصوصيتها في بعض الأمور التي يمكن أن تطرحَ. إنّ في ذلك، دليل إضافي على تنوع ثقافتنا العربيّة، وهي ميزة تتمتّع بها مِنطقتنا".
وشددت على أنه "بالطبع، هناك لغة ومفاهيم مختلفة سوف تطرح في نيويورك ولبنان كما كلّ الدول الأخرى سوف يكون له موقف بنّاء وفعّال تتناسب مع أولويّاته الوطنيّة والتزاماته الدوليّة في هذا الشأن. ونحن ننتظر المسودّة الأوليّة التي سوف تصدر عن لجنة الخبراء في نيويورك لتحديد موقفنا النهائي وخارطة التفاوض التي سيعتمدها لبنان لهذه الغاية".