في الأسبوع الأخير قبل بداية الصوم الكبير لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي اي في أسبوع المرفع يحتفل المؤمنون بخميس "السكارى" حيث تجتمع العائلة حول المائدة لتناول الطعام والأطايب لبدء التقشّف مع اثنين الرماد (15 شباط) أول يوم من الصوم.
البعض يحاول تغيير المفهوم التقليدي غير الديني لخميس السكارى ليحوّله الى ما يُسمّى بـ"خميس الذكارى" فبات الالتباس شائعاً، ليبقى السؤال: من يحاول تشويه هذا التقليد من خميس السكارى الى "الذكارى"؟!. في هذا الاطار يلفت البرفسور الاب يوسف مونس الى أننا "نحتفل في الخميس الذي يسبق اثنين المرفع بخميس "السكارى" وليس الذكارى"، مضيفا: "لا توجد كلمة ذكارى ولكننا نذكر موتانا طوال هذا الاسبوع واليوم نذكرهم ونصلي من أجلهم".
بدوره الأب هاني مطر، وتحت عنوان "أسبوع المرفع وخميس السكارى" أكد أنه خميس السكارى وليس الذكارى، لافتا الى أن "خميس السكارى هو عادة مارونيّة ترجع الى بدايات الإنتشار المسيحي في منطقتنا، حيث دخلت العادات الوثنية الى الطقوس الدينية وإختلطت وأصبحت من التقاليد، وتلوّنت بالدين مع انها اجتماعيّة ولا علاقة لها به"، ومشيرا الى أنه "وفي العادات أن المسيحيين الموارنة يُعدّون خروفاً من ماشيتهم ليذبحوه في "أحد الدبيح" أي الأحد الأخير قبل أحد مدخل الصوم (المعروف بأحد الموتى) ليكون طعامهم طيلة الأسبوع وصولا الى أحد المرفع (أحد مدخل الصوم) الذي فيه يرفعون الزفر، أي أكل اللحوم، حتى صباح أحد القيامة المجيدة"، مضيفا: "حتى لا يبقى من اللحوم ما يستوجب رميه مع بدء الصوم تقام الولائم خلال الاسبوع، خصوصا مع حلول يوم الخميس وتترافق مع شرب النبيذ والعرق فأضحى للخميس تسمية جديدة "خميس السكارى" تشبه واقعه الاجتماعي الذي ينطوي ضمنا على طابع ديني".
أيضاً من جملة ما قيل في "خميس السكارى" ومنعاً لمن يحاول تغيير بعض العادات والتقاليد اللبنانيّة، كان سرد الأديب والكاتب اللبناني مارون عبود في كتابه "وجوه وحكايات" مجموعة من القصص القصيرة من الحياة التقليدية القروية اللبنانية وعادات السكان، فجاء في قصّة "مهاجرة" في الكتاب المذكور جملة على لسان "أم فينيانس" إحدى الشخصيّات التي لم تخلُ من الهضامة والنقد بكلماتها وهي أشبه بثرثرات نسائية حول شباب وبنات الضيعة، فيروي عبود في جملته ما حرفيته، أن الحديث امتدّ وطال، "والجرّة ترشح، فغار الماء، ومشى الى حيث لا تحتمل أم فنيانس فَوَحْوَحَتْ وقالت: الطبخة استوت، الميعاد بعد يومين، خميس السكارى. وما مشت خطوات حتى صاحت بأم ضومط: قولي الله يستر. فأجابتها أم ضومط: السالم لأهله".
اذاً ليس الخميس الأخير قبل بدء الصوم هو خميس الذكارى أو ما يحاول البعض تشويه تقليد عمره مئات السنوات، وفي وقت يتذكّر المؤمنون في هذه المناسبة أمواتهم، يبقى "خميس السكارى" حيث تجتمع العائلة من الأهميّة للبدء بالتخلّي عن المتعلّقات المادية والدنيويّة تمهيدًا للدخول بمرحلة الصوم.