دخل لبنان في مرحلة جديدة اليوم في ظلّ الحراك الفرنسي الذي بدأت تشهده الساحة اللبنانية وجولة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى أبو ظبي والقاهرة وفرنسا... هذا خارجياً أما داخلياً فلا تزال العقد الحكومية على حالها في ظلّ عدم إنسجام بين رئيس الجمهورية ميشال عون وسعد الحريري، وهنا السؤال الأهمّ: "هل ستنجح المساعي الدولية في حلحلة العقد وصولاً الى تأليف الحكومة؟".
ليس خافياً على أحد أن حلّ الملف اللبناني يحتاج الى توافق داخلي وخارجي في آن. وفي هذا الإطار يشرح الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة" أن "العقدتين الأساسيتين في ملف تشكيل الحكومة هما عربية وغربية، والاولى عنوانها رفض السعوديّة، ومن هنا ستأتي زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المملكة في منتصف شباط الجاري"، مشيراً أيضاً الى أن "العقدة السعودية شخصيّة تجاه الحريري وسبب ذلك علاقته بـ"حزب الله".
وأضاف بزي: "لا بدّ من التوقف أيضا عند الإتصال الذي أجراه الرئيس الاميركي جو بايدن وماكرون والذي تلاه آخر بين وزيري الخارجية الأميركي والفرنسي أعقبه صدور بيان من الطرفين شدد على ضرورة تشكيل الحكومة"، اضافة الى "السعي الفاتيكاني الحثيث لتحريك الملف اللبناني".
بدوره الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر شدّد عبر "النشرة" على أنه "رغم المسعى الفرنسي فلا إشارات تؤكّد على تشكيل قريب للحكومة"، معتبرا أنه "وقبل الدخول الى هذا الملف يجب حلحلة الخلفية السياسية التي تعيق التشكيل والمتمثلة بالاميركيين والايرانيين"، لافتا الى أن "الادارة الأميركية تعتبر أنه لم يحن الوقت للتحدث في الملفّ اللبناني في حين أن الفرنسيين يريدون ذلك في الوقت الحالي".
"الى جانب العقدة الخارجية هناك المشكلة الداخلية المتمثّلة بالحريري من جهة والرئيس عون و"حزب الله" من جهة أخرى"، هذا ما يراه منيّر، لافتاً الى أن "الرئيس ميشال عون يريد حلّ مشكلة العقوبات الأميركية على رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل واعطاء الاخير مساحة جيدة داخل الحكومة". هذا ما يؤكده وسيم بزّي أيضا، معتبراً أن "المشكلة الداخلية هي في "عنق الزجاجة" التي وصلت اليها العلاقة بين الرئيس عون والحريري والأزمة لها علاقة بتفسير الدستور"، مشيرا الى أنه "تم تكليف الحريري في ظرف حسّاس وكانت الازمة في البلاد مستعرة ولا يزال هناك سنة وعشرة أشهر من عمر العهد والبلد وأمامنا استحقاقات مصيرية"، لافتا الى أن "الفرنسيين وبعد الخيبات التي منيوا بها أصبحوا أكثر قناعة لضرورة الاستماع الى الرئيس عون، في حين أن الأخير يتعامل مع الامور بصبر غير راض بتقديم تنازلات لأنه يعتبر أن الحريري غير مؤهل لتولي رئاسة الحكومة".
يعتبر بزّي أن "رئيس الجمهوريّة ينتظر وفي حال نجحت الضغوط الخارجية على الحريري يرى عندها كيف يمكن أن ينسج الاتفاق معه"، لافتا الى وجود "فترة انتقالية لتتبلور المسارات، والحديث يجري حول كيفية ترتيب الامور وقبل منتصف أو أواخر الصيف لا حلحلة ولكن هناك مرحلة لتمرير مطبّات"، مشدداً على أن "ما يدور الحديث عنه هو في الوزارات الثلاث: العدل، الداخلية ووزارة الطاقة، والكلام يتركز حول أن الرئيس عون يسمي ثلاثة أسماء للوزارات الثلاث والحريري ثلاثة أسماء ويختار الفرنسيون".
في المحصّلة هناك مساعٍ تتحرّك بين كمٍّ كبيرٍ من الألغام وحتى الآن يبدو أن القوى الأقليمية لم تنجح بمحاولة الوصول الى حلّ، لذلك الأطراف في الداخل يتعاطون بحذر مع كلّ الأمور.