ما إن انهى الجيش “الإسرائيلي” الأربعاء مناورة “عاصفة الرّعد” على الحدود مع لبنان “لتعزيز الجاهزيّة لسيناريو ايام قتالية على الحدود اللبنانية”، حتى دعا رئيس الكيان رؤوفين رفلين جيشه للإستعداد التام للمواجهة ايّ سيناريو محتمل، تزامنا مع مطالبة وزير حربه بيني غانتس طرح “احتمال شنّ هجوم ضدّ المنشآت النوويّة الإيرانيّة على جدول اعمال صُنّاع القرار في اسرائيل”. وكأنّ تل ابيب توحي من خلال سلسلة تهديداتها المستمرّة ضدّ ايران، بأنّ هجوما وشيكا قد تشنّه في ايّ لحظة ضدّ المنشآت النووية الإيرانيّة، رغم الإرباك الذي ساد اروقتها الأمنيّة منذ اسقاط طائرتها من نوع “زيك” في اجواء منطقة الزّهراني بصاروخ ارض-جوّ في الثالث من الجاري، بين الرّد على حزب الله من عدمه..
سريعا وفي نفس اليوم، تتمّ تصفية الناشط لقمان سليم لتفتح علامات استفهام حيال “امر عمليّات اسرائيلي” بالعودة للعبث الأمنيّ بالساحة اللبنانية من بوابة الإغتيالات، تماما كما فعلت في حقبة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الرّاحل رفيق الحريري، وما تلاها من عمليات اغتيال طالت حصرا ناشطين وشخصيات مناهضة للحزب لتحميله المسؤولية، فتحقق هدفها من خلال تأليب اللبنانيين وزيادة الضغوط الداخلية عليه، تكون بديلا عن مواجهة عسكرية غير مأمونة النتائج، خصوصا بعد مؤشرات مقلقة تلقّاها عدد من كبار جنرالاتها، تُنذر بمرحلة جديدة من معادلة “الرّع الدّفاعي” اقرّها حزبُ الله –بحسب تسريبات صحفيّة عبريّة، لفتت ايضا الى انه وفقا” لمعلومات اصدقاء في المنطقة”،فإنّ مفاجأة قد تكون “من العيار الثقيل ” بانتظار اسرائيل !
عمليّة تصفية الناشط لقمان سليم جاءت مريبة في توقيتها.. في أوج حركة جوّية “اسرائيليّة”غير مسبوقة لم تفارق سماء لبنان على مدى ايّام متواصلة ووصلت الى حدّ التحليق على علوّ منخفض جدا في سماء الضاحية الجنوبية ليل الثلاثاء في الثاني من الجاري، ليأتي الحدث في اليوم التالي عبر إسقاط طائرة استطلاع معادية في سماء منطقة الزّهراني بصاروخ ارض-جوّ، بعد اقلّ من يومين على اسقاط مسيّرة في بلدة بليدا الحدوديّة.. وسريعا تتمّ تصفية سليم في ذروة الإرباك الذي ساد الأروقة الأمنيّة والإستخباريّة “الإسرائيلية” حيال الرّد على واقعة استهداف الطائرة من عدمه، فيُحسم أمرُ “عدمه” منعا للإنزلاق الى مواجهة شاملة مع حزب الله، ويُستعاض عنه بعمليّة أمنيّة “في عقر داره”، إختير فيها لقمان سليم (الشيعي) المناهض بشراسة للحزب، وتبدأ حملة خارجيّة وداخلية منسّقة تُصوّب بشكل مركّز منذ اللحظة الأولى وقبل البدء بالتحقيقات على حزب الله مسؤولا اوحد عن اغتياله، لا تزال مستمرّة حتى الآن!
تلقّت “اسرائيل” بقلق “رسالة” حزب الله على متن صاروخ ارض-جوّ خصوصا انها شكّلت سابقة هي الأولى منذ عدوان تموز على لبنان عام 2006 ، لتُفتح الأبواب على مصراعيها في تل ابيب حيال ما اذا كان الحزب حسم أمره صوب افتتاح مرحلة جديدة ازاء العربدة الإسرائيلية المتواصلة في اجواء لبنان.. قناة “كان” العبريّة سارعت الى ربط اسقاط طائرة الإستطلاع بصاروخ ارض-جوّ بنيّة حزب الله وضع قواعد لعبة جديدة حيال الجوّ ايضا وهذا مدعاة لقلق اسرائيل-بحسب اشارتها، سيّما انّ الطائرة هي من نوع “زيك” تجمع معلومات استخباريّة وقادرة على البقاء في الجوّ لمدّة عشرين ساعة واكثر، اضافة الى انها محمّلة ايضا بالذخائر، اي يمكن ان تكون “فتّاكة” عند الضرورة.. ليكمن الأخطر في اسئلة عدد من المحللين الإسرائيليين” ماذا لو فاجأنا حزبُ الله بإسقاط احدى مقاتلاتنا الحربيّة؟.. خصوصا انّ “السيّد” نصرالله صوّب في احدى اطلالاته مؤخرا على انّ “اسرائيل” لا تعرف شيئا عمّا يمتلكه الحزب خصوصا في مجال القدرات الجوّية”!
وفيما وضع اطلاق صاروخ ارض –جوّ “اسرائيل” امام معضلة. بين تآكل ردعها وبين عدم نيّتها تصعيد التوتّر عند الحدود مع لبنان-بحسب ما جاء على ألسنة محلّلين عسكريّين “اسرائيليين”، بينهم المحلّل العسكري في صحيفة” يسرائيل هيوم” يوآف ليمور الذي شدّد على مصلحة اسرائيل في بقاء الجبهة الشمالية هادئة، الا انّ هاجس ردّ حزب الله دفع الجيش “الإسرائيلي” الى اطلاق مناورة عسكريّة جديدة على الحدود مع لبنان تحت اسم “عاصفة الرّعد”، على وقع جدل امني داخلي فتح المجال لإماطة اللثام ليس فقط عن عدم جاهزيّة الجبهة الداخليّة و”تآكل الذّراع البريّة للجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، بل ايضا ضرورة اعتراف اسرائيل بأنّ التعويل على “قدرة” مقاتلاتها الحربية بحسم المعارك “مع العدو” بسرعة قياسية كما كان الوضع في السابق..بات مشكوكا به، مقابل التطوّر في تصنيع الصواريخ الذكيّة والدقيقة في الدول المعادية لإسرائيل-تحديدا ايران، والتي امّنت نماذج عديدة منها الى حلفائها في المنطقة- بحسب اشارة اللواء احتياط اسحاق بريك، والذي حذّر اسرائيل من انّ سلاحها الجوّي الذي لا زالت تفتخر به حتى الآن، “أعددناه لحرب مضت وليس للحرب المقبلة”!
المؤكّد انّ حزب الله تقصّد –عبر توجيه رسالته على متن صاروخ ارض-جوّ، تقصّد اظهار جزء من “كنوز” قدراته الجويّة التي يُبقيها بطبيعة الحال طيّ الغموض الذي يُنهك تل ابيب بفكّ شيفراته.. وإزاء السؤال” هل اصبحنا فعلا امام مرحلة جديدة من الرّدع الدفاعي مع اسرائيل؟.. ثمّة من يرجّح حدثا مدوّيا قد يأتي على متن “مفاجأة جويّة” خارج حسابات “اسرائيل-وفق ما نُقل عن مصدر في “الصحيفة العسكرية البلغارية”.