وجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالة الصوم، قائلا: "في زمن الصوم، نمتنع عن تناول بعض الأطعمة، كالإنقطاع عن الطعام واللحوم والبياض وسواها، كما نقرن صومنا برفع الصلوات الحارّة، والمشاركة في الصلوات الطقسية، وممارسة أعمال الرحمة، والاهتمام بالمحتاجين، من خلال التقشّف والتخلّي عن بعض الملذّات لمساعدة من هم أشدّ فقراً وعوزاً. وهكذا يعود زمن الصوم بكنوزه كلّ عام، كي يقدّم لنا فرصةً جديدةً من أجل حياةٍ أفضل ملؤها البركة والخير، والنموّ في الفضائل الروحية، والتحرّر من المادّية المهيمِنة في عالمنا. فالصوم هو زمن الجهاد الروحي بامتياز، إنّه محطّةٌ سنويةٌ للتجدّد بالإيمان، من خلال الممارسات التقوية والعودة إلى الذات في سبيل التوبة".
ولفت إلى انه "نحن مدعوّون لنعيش فعلياً كأبناء لله وكأحبّائه. والصوم هو فترة فرحٍ حيث نكتشف بنوّتنا لله التي حصلنا عليها بيسوع المسيح. فالهدف الحقيقي من فترة الصوم هذه، قبل كلّ شيء، هو إعداد الناس للاحتفال بموت المسيح وقيامته. هذا الزمن هو الوقت المناسب لتهذيب الروح وإزالة رواسب الخطيئة من حياتنا، فالصوم هو أفضل وسيلةٍ للاعتراف بسموّ الله، كما أنّه، مع الصلاة والصدقة، إحدى الوسائل التي تُبيِّن أمام الله تواضُعَ الإنسان ورجاءَه وحبَّه. ونحقّق ذلك من خلال خلق الرغبة والعَزمِ على فعلِ مشيئة الله وجعلِ ملكوته يأتي في المقام الأول في قلوبنا. فالصلاة ليست مجرّد ترداد بعض الكلمات والعبارات، والصوم ليس فقط الامتناع عن الأكل، والصدقة ليست مجرّد عطاءٍ مادّي للآخر، بل الأساس هو أن نفرّغ ذواتنا من كلّ ما يحجبنا عن الله والقريب والذات، منتظرين مجيء العريس القائم من بين الأموات. لذلك ارتبط الصوم بالقيامة في الكنيسة، فالصوم هو مسيرة تحرُّرٍ وموتٍ عن الذات، لكي نستطيع عيش القيامة".
واضاف "الصوم هو زمن الخلاص الشامل، نبلغ إليه بالعبور الفصحي من قديمٍ إلى جديدٍ، بدفق محبَّة الآب، وفعل نعمة الإبن، وحلول الروح القدس، ونصلّي ضارعين إلى الرب يسوع، الطبيب السماوي، الذي لمس الأبرصَ فشفاهُ، أن يلمس المصابين بوباء كورونا فيشفيهم، ويرحم أولئك الذين غادروا عالمَنا من جرائه، ويُلهِمَ الأطبّاءَ وأصحابَ الاختصاصِ إلى إيجاد العلاج المناسب. ونسأله تعالى، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، أن يحمي العاملين في القطاع الطبّي، والذين يبذلون ذواتهم في سبيل تأمين الخدمة الملائمة لهؤلاء المرضى، معرِّضين حياتَهم وحياةَ ذويهم للخطر".