بظل التصعيد الكبير في الملف الحكومي، يبدو أن الأمور لا تتجه إلى الحلول، بل على العكس تماماً، تتجه نحو مزيد من التعقيد، وما لقاء "دار خلدة" سوى دليلاً على ذلك، إذ أن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان قرّر رفع الصوت، ولو متأخراً، للمطالبة بوزيرين درزيين في أيّ حكومة مقبلة، والإجتماع في دارته أمس كان للتأكيد على هذا المطلب.
حضر رئيس حزب التوحيد وئام وهّاب لقاء خلدة، الذي ضمّ أيضاً وزراء سابقين ومشايخ من الطائفة الدرزيّة، والسؤال الأساسي الذي طرح نفسه في اللقاء، بحسب مصادر شاركت فيه، هو حول سبب عدم الذهاب إلى صيغة أخرى للحكومة المطروحة غير صيغة الـ18 وزيراً، كصيغة 16 وزيراً على سبيل المثال في حال كان المطلوب خفض عدد الوزراء، نظراً إلى أنه في هذه الحال ستكون حصة الطائفة الدرزية وزيرين.
وتسأل المصادر عبر "النشرة": "هل إصرار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الإجحاف بحق الطائفة يعود إلى رغبة لديه، أو أنه بناء على الإتفاق المسبق الذي حصل مع رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط"، مشيرة إلى أن المبدأ الأساسي لمطلب حصول الدروز على وزيرين لا يتعلق بتمثيل سياسي لهذا الطرف أو غيره، بقدر ما يتعلق بتمثيل الطائفة ككلّ، وهو ما يجب أن يكون مطلب كل من يمثّل هذه الطائفة.
وفي هذا السياق، كان رئيس "الديمقراطي اللبناني" قد عمد إلى رفع السقف عالياً في مواجهة هذا الطرح، فهو سبق له أن وجه رسالة قاسية، إلى الحلفاء والخصوم، عندما كان الحديث عن إحتمال التوافق على صيغة 18 وزيراً بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، إلا أنه اليوم يريد، على ما يبدو، أن يوجه رسالة أخرى إلى رئيس الحكومة المكلف أولاً وإلى رئيس "الإشتراكي" ثانياً، عنوانها الأساسي عدم القدرة على تجاهل تمثيله مع حلفائه داخل الطائفة.
بالمقابل تنفي مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي أن تكون قد وافقت أو اقترحت سابقاً أن تكون حصة الدروز في الحكومة المقبلة مقتصرة على وزير واحد، مشدّدة عبر "النشرة" على أن رئيس الحزب وليد جنبلاط كان ولا يزال مع فكرة زيادة عدد وزراء الحكومة إلى 20، على أن يكون للدروز وزيرين، ولكن على أن يكونا من حصّة اللقاء الديمقراطي.
تؤكّد المصادر أنه رغم كل الإحترام للنائب طلال أرسلان وما يمثّل، إلا أن المنطق الطبيعي لأعداد النواب يفرض أن يكون الوزيرين من حصة اللقاء الديمقراطي، مشيرة إلى أن الحريري ضمن هذا الجو، ولكن على ما يبدو هو لا يريد رفع عدد الوزراء داخل الحكومة إلى 20 لمنع أي طرف من الحصول على الثلث المعطّل.
تعتبر مصادر "الإشتراكي" أنه يحق لكل فريق سياسي أن يعبّر عن الرأي الذي يؤمن به، ولقاء خلدة يأتي في هذا الإطار، مشددة على أن الحزب التقدمي الإشتراكي لا يعتبر اللقاء موجّهاً ضدّه، بل على العكس تماماً، وبالتالي هو لن يسبّب أي توتّر بين الفريقين، خاصّة وأن الكل متّفقاً على أمر أساسي وهو الحفاظ على الإستقرار في الجبل، مع حرية ممارسة العمل السياسي لكل فريق.
إذاً، يتفق أرسلان وجنبلاط حول أحقّية حصول الدروز على وزيرين في أيّ حكومة مقبلة، ولكنها بكل تأكيد يختلفان حول تقسيمهما، فهل تتطور هذه المطالبة بالأيام المقبلة لتخلق عقبة جديدة بوجه تشكيل الحكومة؟.