إذا أردنا أن نبني مجتمعاً متطوراً ووطناً مُنتجاً علينا ان نتعلم ما هو مفهوم الخصومة السياسية؟ وكيف يتم التعامل في حال الخصومة السياسية؟. أولاً، إنها خصومة وليست عداوة أو حرب، هي اختلاف في أفكار وعقائد ورؤية في طريقة بناء المجتمعات، إلّا انّ الاهداف يجب أن تتلاقى حول خلق وطن حر وقوي ومزدهر.
يجب ان نبتعد عن فكرة انّ خصمي مخطىء دائماً وانا على حق دائماً، لأنّ ذلك يؤدي الى تضييع الافكار والاهداف في ظل دوامة الاحكام المسبقة وتحطيم أي مبادرة جيدة فقط لمجرد انها صادرة عن خصمي السياسي، او رفض قانون او خطة اقتصادية لكي لا يسجل خصمي السياسي نقاطاً.
فلا يعقل ان يكون خصمي السياسي على خطأ دائماً، فهذا غير منطقي. هذا الأداء يدمر المجتمعات ولا يطورها، حيث يجب ان يلتقي الخصوم السياسيون على دعم فكرة مفيدة للمجتمع، او دعم قانون يشكل منفعة عامة للوطن.
حان الوقت للبدء في دعم فكرة او قضية مُحقّة اقترحها خصومنا، فهكذا نبني مجتمعات متطورة ونحقق الازدهار، حين نركّز على القضية وأحقيّتها بدلاً من ان نبقى أسرى في دائرة خلافاتنا.
دعونا نتطلّع الى بعضنا البعض ونرى ما هي الافكار المحقة والمفيدة للمجتمع لكي نتفق عليها ونعمل معاً لإقرارها، ومن هنا تبدأ مسيرة بناء وطن حقيقي، حين تصبح مصلحة الوطن العليا أهم من تسجيل نقاط سياسية، وحين تصبح أهداف الاحزاب السياسية مصلحة المواطن وحقوقه وكينونته بدلاً من إبقائه أسير النزاعات السياسية التي تعلو على حقوقه الاقتصادية والمجتمعية.
اليوم قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة هو قانون اساسي للخروج بلبنان الى النور، فتكون مصلحة المجتمع اليوم هو الالتفاف حول القانون ودعمه بغضّ النظر عمّن قدّمه الى المجلس النيابي. وان نتخطى خلافاتنا السياسية لمساندة هذا القانون بعيداً عن المواقف المسبقة وعدم زَجّه في مناكفات سياسية، لأنّ تَسييسه سيضَيّع علينا فرصة ذهبية بنَقل لبنان الى عصر الشفافية المطلقة، وهي المفتاح لإعادة الازدهار والتآخي الى لبنان، علماً أنّ التآخي سيتحقق حين تصبح كل المعلومات متاحة ومكشوفة، وبالتالي تتوقف الاتهامات السياسية المتبادلة بالفساد من دون إثباتات.
والأهم انّ كل الكتل السياسية تطالب بالشفافية في كل مفصل، وعلى رغم ذلك نستغرب اننا لم نشهد حماسة في المطالبة بإقرار قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة.
لقد تقدّم تكتل «لبنان القوي» باقتراح قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة الى مجلس النواب، ولكن تمّ تجاهل هذا الاقتراح وكأنه لم يتم التقدّم به، واستمر الجميع في المطالبة بالشفافية ولكنهم يتجاهلون هذا القانون تحديداً ولم يأت أحد على ذكره، على رغم انه في مجلس النواب ويجب إقراره في اسرع وقت ممكن، ولم يسارعوا الى انتهاز هذه الفرصة الذهبية لإقرار القانون، فأين الجهات التي طالبت بالشفافية دائماً؟ ما موقفها من القانون؟ لماذا لا يرفعون الصوت اليوم لإقراره.
انّ مطالبة كل الجهات وتكاتفها حول هذا القانون في هذه المرحلة تكتسبان أهمية قصوى. ونطلب من الجميع، وخصوصاً من الاعلام، أن يشكّلوا حلقة ضغط نحو إقرار هذا القانون المهم في أسرع وقت ممكن.