اليوم عيد ميلاد الـ86 لشاعر لبنان الكبير موريس عواد، 20 شباط سنة الـ"أربعا وتلاتين وتسعميي وألف" (متل ما هوي بيحبّ يقول)، يومتا كان الجو عاصف ومسقّع، والليل تقيل ع وجع الأم اللي عم تتقلّب ع تختا الفقير،والريح بعدما خلعت درفة الشبّاك العتيق، كسرت قزازة القنديل نمرو 4، ساعتا خلّفت نعامي أبنا، وسمّتو موريس.
موريس الصبي المهوشل، اللي ما في شي بيرضيه، والشبّ الثائر المتمرّد، الشاعر العاشق للجمال وللأرض، المفكّر الحالم المنسجم مع زاتو، تعرّفت عليه بالصدفي سنة الـ87، كنت مارق ببصاليم، وهوي ناطر سيّارا ت ينزل ع بيروت، عرفتو من حكياتو، ومن شكلو، ومن يومتا صرنا صحاب، مع أنو بين البارودي والقلم في مسافي بعيدي ما بيقطعا ألا الحرّ الملتزم اللي بيعرف أنو القلم بيكمّل البارودي اللي بتعرف لوين و ع مين بتقوّص، وهيي بتحمي القلم اللي أوقات كتيري مفاعيلو أقوى وأجدى من السلاح.
مرّا كنت عندو ببيتو بكفرغربي، والحديث متل العادي: همّ الوطن ووجع الناس وجرح الكرامات، ومتل كل مرّا كان يحكي بتمرّد وعنفوان، حامل هموم الوطن وجروحو، وألم الناس وأحلامن، قلتلّو : "يا أستاذ حاج تحطّ بقلبك"، جاوبني: "ما معي حطّ بالبنك، وين بدّك ياني حطّ"؟.
موريس اللي عاش كل حياتو فقير، والفقر "أخد عليه مش راضي يتركو"، كان كل عمرو عالي الجبين، ما أنحنى ألا لألله ومجد لبنان، عاش بالحريي والكرامي وعزّة النفس والصدق مع الزات، واللي هني أغلى كنوز الدني.
ما منقدر نحكي عن موريس الشاعر الرقيق والثائر اللي تترجمو كتبو للغات عالميي ، ورشّحوه ت ياخد جايزة نوبل للآداب، بدون ما نحكي عن المفكّر السياسي اللي عاش فيه همّ وطنو للنخاع: "بلبنان في 18 قدّاس و18 ألله، خلّينا بالأول نعملن قدّاسين، وبعدين منشوف كيف منعملن قدّاس واحد"، بيقصد لـ18 طايفي، وكل طايفي عندا كيانا وطقوسا ومدارسا وجامعاتا ووظايفا، وكيف بدّو الوطن يعمر بالطوايف؟.
موريس اللي ما بيساير ولا بيهادن ولا بيساوم، بدّو يقول كلمة الحقّ ولو ع قطع راسو، حتّى بزمن الأحتلال السوري ما كان يسكت حتّى ولا يوطّي الصوت، يومتا كان يحكيني ع التلفون ويبلّش متل عادتو بالنقد اللاذع للمحتلّ وازلامو بالسلطا، ولما كان خطّي مراقب، كنت غيّر الحديث، وهوّي ما يجتلق ويكفّي، ولما كنت أرجع شوفو كنت ألفتلو نظرو بأنّو الخطّ مراقب، كان يجاوني: "أنا اللي عم بحكي شو خصّك أنت"؟.
كان يقول بلبنان في خمس أحتلالات: الإسرائيلي، السوري، الفلسطيني، الميليشيات ع أنواعا، والدين...
أسرائيل بالنسبي إلو مش بس عدوّتنا، هيي عدوّة البشريي كلّا لأنّا نقيض الإنسانيي، السوري اللي بعمرو ما اعترف بإستقلال لبنان احتلّ الوطن ونصّب عليه أزلامو، والفلسطيني اللي حلم بمرّا أنو ياخد لبنان بدل وطنو الأصلي فلسطين وكان سبب أساسي بالحرب اللبنانيي، والميليشيات اللي بتقتل وبتدبح باسم الله، والدين اللي بيستخدموه رجال السياسي "ت يتاجرو بألله".
كتار اللي عرضو ع موريس المال ت يسكت، وكتار اللي هدّدوه بالقتل، لا كان يوسّخ إيدو بالمصاري برغم فقرو وحاجتو، ولا كان يخاف من الموت، حطّ بقلبو الكبير كل وجع الناس، وقدّيش بدو يحمل هالقلب ت يحمل؟ ع كتافو جلجلة الوطن وجروحو، تعبو الكتاف، والقلب ما عاد يلبّي صاحب القلب الكبير.
كنت لما تلفنلو وأسألو:" كيفك يا استاذ؟" يجاوب: "أنت منيح، وأنا وياك فوق الأرض، بس أنا صار نصّي هونيك، والموت عم يجرّني شوي شوي"...
موريس راح، بس بقي 58 كتاب باللغّا اللبنانيي اللي ما رضي يكتب إلا ّفيا: "لغة الأيام الجايي"، راح وباقي عدّة كتب كان ناوي يطبعا "ع حياتو"، وبكرا ملكار وأدون رح يجمّعو الوراق وينشرو الكتب الناطرا المطبعا. موريس راح بس فكرو النقي وتاريخو الأنضف من التلج، رح يبقو يضوّو ع مساحة الوطن، وبكرا إزا الوطن بينصُف هالرجّال، لازم تنقرا مقاطع من كتبو كل يوم لتلاميز المدارس والجامعات، وأقلّ شي بينعمل، متل ما بيحبّ مرتو نجاة وولادو ملكار وأدون:
- مؤسسة موريس عواد للفكر والشعر اللبناني.
- حديقا زغيري بكفرغربي، أو بمطرح تاني، وفيها تمثال أو بلاطا للشاعر الكبير ومقعدين تلاتي من الخشب ت نروح نحجّ ونقرا لموريس وهوي عم يسمع.
ت يضلّو اللبنانيي يتزكّرو اللي عاش 85 سني ما بيكزب، وما بيحكي وبيكتب إلا باللبناني: يا ويلي إزا ما لبننت ، زيحو هيك... إجا وقت اللغا اللبنانيي وأنا جيت"...