تتجه الأنظار اليوم إلى الصرح البطريركي، الذي سيكون على موعد مع تظاهرة شعبيّة مؤيدة لطروحات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المتعلقة بالحياد وعقد مؤتمر دولي، بعد أن كانت بكركي تحولت، في الأيام الماضية، إلى محجّ لعدد من القوى السياسية، خصوصاً بعد المواقف التي كان قد أطلقها أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الماضي.
في الصورة العامة، لدى البطريركية المارونية وجهة نظرها لكيفية معالجة الأزمة اللبنانية، بعد أن فشلت مختلف الجهود في الوصول إلى معالجة الخلافات التي تعيق تأليف الحكومة العتيدة بشكل أساسي. والبطريرك الراعي سبق له أن سعى إلى تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إلا أنه، كغيره من "سعاة الخير" على خط بعبدا-بيت الوسط، لم ينجح في الوصول إلى النتيجة المرجوّة، الأمر الذي دفعه إلى طرح فكرة المؤتمر الدولي، بعد أن كان أطلق الدعوات إلى الحياد، بسبب قناعته أن المصدر الأساسي للأزمة هو الخارج.
في هذا السياق، السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه اليوم، بحسب ما ترى مصادر متابعة عبر "النشرة"، يتعلق بالخطوة التالية، نظراً إلى أن تظاهرة اليوم من المفترض أن تكون بمثابة إستفتاء شعبي على ما يطرحه البطريرك الماروني من أفكار، لكن الأهم هو المكان الذي يسعى البعض إلى أخذ بكركي إليه، من خلال التصويب على أن المستهدف "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، والإيحاء بأنه يقود محوراً مقابل آخر.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا الواقع قد يسيء إلى المبادرة التي يحملها البطريرك الماروني، نظراً إلى أنّه يعزّز الإنقسام حولها على الساحة المحلّية، حيث يحوّلها إلى مادة إنقسام سياسي بين محورين، الأمر الذي يفقدها الصفة الوطنية التي يسعى إليها، إلا أن الأخطر هو محاولة وضع البطريرك الراعي في مواجهة رئيس الجمهورية ميشال عون، عبر الحديث عن مرجعيّتين في الساحة المسيحية لكل منها خياراته السياسية المختلفة.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، هذه المحاولات تأتي في إطار المساعي القائمة، منذ أشهر طويلة، الهادفة إلى جرّ الساحة المسيحيّة إلى إنقسام من هذا النوع، الأمر الذي يستدعي التوقف عنده ملياً، حيث بات من الواضح أنّ هناك من يريد إستغلال طروحات البطريرك الماروني ضمن معارك سياسيّة، سواء تلك التي على المستوى الوطني العام أو التي تنحصر بهذه الساحة، وتضيف: "هذا الأمر من المفترض أن يتظهّر بشكل أوضح بعد تظاهرة اليوم، نظراً إلى أنّها من الممكن أن تكون مفصليّة على هذا الصعيد".
في الأيام الماضية، برز في سياق الدعوات إلى التظاهرة الطابع الحزبي، خصوصاً من جانب حزب "القوات اللبنانية"، بالرغم من أنّ مصادر الحزب سعت إلى تأكيد عدم توجيه أيّ دعوة رسميّة للمشاركة في هذا التحرك، لكن مع إعادة تكرار الحديث، الذي كان طاغياً خلال فترة التحركات الشعبيّة، عن أن حضور جمهوره عفوي وطبيعي، كونه يتلاقى مع الأفكار التي يحملها البطريرك الماروني.
وفي حين تحرص بعض الشخصيات المقربة من بكركي على التأكيد بأنها واعية لما يحصل، حيث تردّد عبارة أنها لن تذهب إلى اليمين أو إلى اليسار، لدى بعض الأوساط مخاوف كبيرة من التداعيات في هذه المرحلة المصيريّة على مستوى المنطقة، وتسأل، عبر "النشرة"، عمّا إذا كان لدى البطريرك الماروني ضمانة دولية بالسير بالتوجّهات التي يطرحها حاليا، كي لا يكرر سيناريو ما حصل عند توقيع إتفاق الطائف، الذي دفع ثمنه المسيحيون.
في الختام، تطرح هذه الأوساط سيناريو ذهاب الولايات المتحدة إلى تسوية مع الجمهورية الإسلامية في إيران في المرحلة المقبلة، وهو التوجه المرجح على ذلك الذي يتحدث عن خيار المواجهة، وتشير إلى أن هذا الأمر من المفترض أن ينعكس على الساحة اللبنانية بشكل أكيد، وترى أن في هذه الحال وجب السؤال عن المصلحة في زيادة الشرخ المسيحي، أو في وضع البطريرك الماروني على رأس محور مقابل آخر.