العناوين التي تناولها البطريرك الماروني بشارة الراعي في خطابه امس في بكركي، وامام حشد كبير غلب على معظمه جمهور المعارضة المسيحية من القوات والكتائب، والمسيحيين المستقلين ومن نواة الحراك في 17 تشرين الاول صبت في إطار دعوته الى الحياد والدعوة الى مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة لإنقاذ لبنان.
وهي تميزت وفق اوساط بارزة في 8 آذار بأنها في الشكل مواقف مألوفة وكررها مسبقاً ولكنها في المضمون تحتاج الى التدقيق وقراءة معمقة.
وتشير الاوساط لـ"الديار" الى ان صحيح ان البطريرك، حرص ان لا يكون طرفاً مباشراً وواضحاً ضد حزب الله والعهد، وان يلاقي الجموع التي وصلت الى بعبدا بما يليق بها ومع الحدث ومبادرته، ورفعت شعارات ضد السلاح وعون، وايضاً استبقت وصولها باعلان مواقف مشابهة كالقوات والكتائب ومواقفهما معروفة من السلاح وعون، ورغم سير الراعي بين النقاط في مواقفه، الا ان الكثير من العناوين الخلافية تطرق اليها الراعي بشكل مختلف عن المضمون وكلها ملفات خلافية وستثير الحساسيات منها واهمها موضوع السلاح ونزعه.
فدعا الراعي الى تطبيق القرارات الدولية، والتي لم تطبق ومنها ما طبق جزئياً واهمها الـ1559 والذي طبق الشق المتعلق بالخروج السوري من لبنان، لكن البند المتعلق بالسلاح الفلسطيني وسلاح حزب لله لم ينفذ، وبالتالي اليست مطالبة ضمنية بسحب السلاح؟
اما الاشارة الثانية التي توقفت امامها الاوساط، ملياً فهي قول البطريرك الراعي "اننا حررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأدائها، فعظمة حركات التحرر والمقاومة في العالم هي أن تصب في كنف الدولة وشرعيتها وعظمة الدولة أن تخدم شعبها، فاين نحن ودولتنا من هذه العظمة"؟
واضاف: "الدولة هي الكيان الأسمى ولذلك لا تتقبل الإلتباس والإزدواجية والإستضعاف، فلا يوجد دولتين أو دول على أرض واحدة ولا يوجد جيشين أو جيوش على أرض واحدة ولا يوجد شعبين أو شعوب في وطن واحد". وهنا تقول الاوساط، ان حوار العام 2006 في مجلس النواب قد اقر الاستراتيجية الدفاعية، وكل طاولات الحوار لم تنجح في وضعها موضع التنفيذ ولا سيما بعد الاحداث السورية والتي لا تزال مستمرة. بالاضافة الى بروز العامل التكفيري والارهابي، وصولاً الى تنامي الاعتداءات الصهيونية في سوريا ولبنان، ولزوم ان تكون المقاومة قوة كبيرة وجاهزة للدرع ولصد اي عدوان وللرد عليه في اي لحظة.
وتشير الاوساط الى ان سلاح المقاومة، بند خلافي وظروف الاستراتيجية الدفاعية لم تنضج بعد وبالتالي اثارة موضوع السلاح وتنفيذ قرارات سحبه الدولية او فرض مناخ يدعو الى نزع السلاح بعدم رضى المقاومة وحزب الله، سيقود الى توتر وانقسامات داخلية جديدة.
اما الاشارة الى الحالة الانقلابية، ففيها الغمز من قناة رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل والمتهمان بتعطيل الحكومة والتحالف مع حزب الله، وبدعم منه لمنع تشكيل اي حكومة لا يوافق عليها عون وباسيل، بالاضافة الى تحميلهما بشكل مباشر كل ما جرى من تعطيل للحوار وللحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي هذا الكلام وفق الاوساط العديد من علامات الاستفهام وايضاً حول ضبط الحدود مع سوريا وما يمكن ان يثير ذلك من "شهية" العودة الى وصاية دولية وبالتالي الدخول من زاوية اخرى الى نزع السلاح.
وتقول الاوساط ان كل هذه المواقف ستكون قيد التشاور الموسع بين قوى 8 آذار، وتشير الى هناك اجتماعاً سيعقد اليوم او غداً وهو للتشاور في مبادرة الراعي وطروحاته ومواقفه وموضوعات اخرى بعد فترة انقطاع من عقد اجتماعات موسعة بسبب تفشي "كورونا" وقد يصدر عن اللقاء او عن اي مكون آخر في 8 آذار مواقف من كلام الراعي، وقد لا يصدر هذا الامر سيكون محل تشاور ايضاً.
وتخلص الاوساط الى ان بعد كلام الراعي سيكون هناك مرحلة انتظار لمعرفة كيف ستتبلور هذه المواقف، وكيف ستؤطر وتنفذ؟ وهل من تبن خارجي لها؟ ومن هي الدول التي ستطالب بتنفيذ المؤتمر الدولي وكيفية تنفيذه والعناوين المطروحة؟
وتختم ان من الاكيد، ان هذه المواقف التي اطلقها الراعي امس، ستثير المزيد من حساسية حزب الله تجاه بكركي وسيزيد من التباعد والقطيعة مع ابقاء التواصل عند الضرورة القصوى مفتوحاً!