إِذا عُدنا بالزّمن إِلى الوقت الحاضر، نرى أَنّ التوتُّرات على الأَرض، إِنّما هي نتيجة تزعزُع عنصر المياه. فقد بدأَت تلك التوتُّرات تتفشّى حول الأَنهر والأَحواض مُنذُ عقدٍ مِن الزّمن، لتتطوّر وتتفشّى لاحقًا على نطاقٍ أَوسع في العقد المُقبل!. هو سببٌ دفع إِيران على سبيل المثال لا الحصر، لتضع مُنذُ الآن، خطط طوارئ لتقنين المياه في طهران، الّتي تحتضن 22 مليون نسمة. ومُنذُ فترةٍ ضئيلةٍ قطع مسؤُولٌ إِيرانيّ بسيّارته مسافة 15 دقيقة على قاع بُحيرة "أورميا" الجافّة الّتي كانت تُعدّ مِن أَكبر بُحيرات إِيران، والّتي لم يتبقَّ مِن مياهها اليوم سوى 5 في المئة، ليُصبح جفافها القاحل رمزًا لوضع المياه في إِيران... لا بل في المنطقة برُمّتها!.
بُحيرة أورميا
هي بُحيرةٌ مالحةٌ مُغلقةٌ في إِيران، تقع بالقُرب مِن مدينة أورميا وبَيْن مُحافظتَي أَذربيجان الغربيّة وأَذربيجان الشّرقيّة، شمال غربيّ البلاد، بالقُرب مِن الحُدود مع تُركيا، وبالقُرب مِن الجزء الجنوبيّ مِن بحر "قزوين". وقد كانت أَكبر بُحيرةٍ في الشّرق الأَوسط، وسادس أَكبر بُحيرةٍ مالحةٍ على الأَرض، وبلغت مساحتها حوالي 5,200 كلم2 (2000 ميلٍ مُربّعٍ)، وطولها 140 كلم (87 ميلًا)، وعرضها حوالي 55 كلم (34 ميلًا)، وبعُمقٍ أَقصى هو 16 م. (52 قدمًا). لكنّ البحيرة قد تقلّصت إِلى 10 في المئة مِن حجمها السّابق، بعد سدّ الأَنهار الّتي تتدفّق إِليها، وضخّ المياه الجوفيّة مِن المنطقة المُحيطة بها، حيث جُفّفَت المياه ونقصت مُنذُ العام 1984. وأَمّا محميّة بُحيرة أورميا، الواقعة إِلى جانب جُزُرها الّتي كان يبلغ عددها ما يقرب من 102 جزيرة، فهي محميّةٌ وطنيّةٌ مِن وزارة البيئة الإِيرانيّة.
التوتّرات المصريّة–الإثيوبيّة
ومِن حالات التوتّر الشّديد على خلفيّة النّزاع المائيّ، لا بُدّ مِن الإشارة إِلى مصر وإِثيوبيا. فقد طالبت مصر إِثيوبيا بوقف بناء سدودٍ ضخمةٍ على النّيل، مُتعهّدةً بحماية حُقوق النّيل التّاريخيّة بأَيّ ثمنٍ... كما ودعت السُّلطات إِلى البحث في احتمال أَن تُخفّف المشاريع المائيّة الإثيوبيّة من تدفُّق النّيل.
مُعاناةٌ أُردُنيّةٌ ولُبنانيّة
وفي سياق الحاجة المُزمنة إِلى المياه، نُشير إِلى الأُردن، ثالث أَدنى احتياطيّ في المنطقة، وهي تُعاني –إِلى ذلك- مِن تدفُّق النازحين السّوريّين، ما أَدّى إِلى انقطاع الكهرباء بسبب نقص المياه في أَراضيها. وقد حذّر الأَمير حسن، عمّ الملك عبدالله، مِن "حربٍ على المياه ستكون أَكثر دمويّةً مِن (الرّبيع العربيّ)... وحال النازحين تنسحب أَيضًا على لبنان، حيث تأتي أَزمة المياه لتُضاف إِلى سيلٍ طويلٍ مِن التحدّيات البالغة الخُطورة في وجه الجمهوريّة اللُبنانيّة!.
إِستثماراتٌ إِماراتيّةٌ
إِلى ذلك، تستثمر دولة الإِمارات العربيّة المُتّدة اليوم، في مشاريع كبيرةٍ لمُواجهة أَزمة المياه، الّتي أَصبحت تقيّمها على أَنّها أَهمّ مِن البترول.
كما وطالبت البلاد العربيّة باستثمار ما لا يقلّ عن 200 مليار دولار، لتجاوز تلك الأَزمة، إِذ إِنّ حصّة الفرد مِن المياه في 12 دولة عربيّة، تقلّ عن مُستوى النّدرة الحادّة الّذي حدّدته "مُنظّمة الصحّة العالميّة".
سلاح المياه
لذا، فسلاح المياه، هو المُصطلح الجديد الّذي ستتبنّاه منطقة الشّرق الأوسط، لتندلع الحُروب بَيْن المُزارعين وسُكّان المُدن، بَيْن المجموعات العرقيّة، بَيْن المُستفيدين مِن منبعٍ النّهر ومصبّه...