عقدت مؤخراً في الكيان الصهيوني ندوة بحثية وصفت بالاستراتيجية ضمت العديد من رؤساء مراكز دراسات وابحاث ومفكرين من بريطانيا وامريكا وفرنسا والمانيا شكلوا حلقة متخصصة للبحث في مستقبل المنطقة العربية وتحولاتها خصوصاً بعد تهافت بعض دول الخليج على السلام والتطبيع مع العدو الاسرائيلي
محور الندوة هو الاجابة على ثلاثة اسئله
السؤال الأول :
هل اقبال العرب على السلام مع اسرائيل هو نتيجة اقتناع بجدوى السلام أم أنه نتيجة ضعف؟
الجواب الاسرائيلي:
إن سلام العرب معنا هو اعتراف بقوتنا الاستراتيجية ونتيجة خوفهم و ضعفهم وليس عن اقتناع.
السؤال الثاني
هل ترون امكانية نشوب حرب بين العرب و اسرائيل اذا ما استعادوا قوتهم بغض النظرعن أية اتفاقيات مبرمة بيننا؟
الجواب الاسرائيلي:
العرب سبق لهم وقبلوا بعقد اتفاقات مع الروم والفرس والصليبيين وهادنوا العثمانيين لكن العرب عادوا خاضوا حروباً ضارية ضد الصليبيين واعلنوا ثورتهم على العثمانيين ثم على قوى الاستعمار الأوروبي بخاصة بريطانيا وفرنسا لينتهي النقاش
بحتمية عودة العرب الى الحرب ضد اسرائيل فور توفر الظروف واستعادة عوامل القوة العربية
السؤال الثالث:
إذا كان الأمر كما ورد في السؤال الثاني فما هو الحل وكيف لنا ضمان بقاء اسرائيل وامنها ؟
الجواب:
ضرورة العمل وبكل الوسائل المتاحة لابقاء العرب في حالة انهاك لضمان استمرار ضعفهم الدائم.
واذا ما اخذنا جواب السؤال الثالث يتأكد لنا فهم ما جرى ويجري من حروب دموية متنقلة ومن سياسيات ضاغطة وسطو منظم على ثرواتنا النفطية وحرماننا من خيرات زرعنا وقمحناج ومياهنا اضافة الى افتعال الفتن وغسل الادمغة الذي اسهم في تراجع المستوى العلمي والثقافي وزيادة في التخلف والجهل ناهيك عن العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على منطقتتا.
الغرب عموماً لا ينظر الينا نحن كأمة عربية باحترام والسبب هو قبولنا بما اقره وفرضه المستعمر بعدما قبلنا بقسمته لارضنا العربية وتحويلها الى امارات وبلاد رسم حدودها الوهمية تتفيذا لاتفاقية بين المستعمرين اطلق عليها سايكس وبيكو فرضت علينا لاننا لم نكن نملك الحول ولا القوة بل اكثر من ذلك فقد اقدم الاستعمار الغربي على اقتطاع اجزاء من الارض العربية "لواء اسكندرون" وقدمها للدولة العثمانية كمكافأة من حسابنا نحن العرب.
ان القبول بالحدود التي حددها لنا اتفاق سايكس وبيكو والانكفاء نحو الداخل بصفه البعض بالانتماء الوطني بيد ان هذا النوع من الانتماء لا يمكنه منحنا الصمود ان لم ننخرط في الدفاع عن امن الاقليم العربي بكامله واعتباره وطناً واحداً متحداً جغرافياً واقتصادياً وامنياً لا سيما ما يربط بلاد الشام.
البعض يدعو للدفاع عن الحدود التي رسمت لنا والاكتفاء باطلاق شعار وطني اولاً هؤلاء اوقعوا انفسهم في فخ السجود لارادة الاستعمار ولن يدركوا بعد ان ما جرى ويجري على ارضنا العربية من اقتتال وفتن مذهبية وطائفية هو نار متنقلة بين دول رسم حدودها مستعمر غربي لالغاء الهوية العربية عنها بعد ان نصّب عليها وكلاء بصفة نواطير مهمتهم الاساسية الحفاظ على تركة المستعمر وتأمين مصالحه على حساب تخلف وجهل شعبنا العربي.
نحن بحاجة الى مشروع انحاد عربي اقليمي وحدوي قائم على رسالة سياسية جغرافية اقتصادية ثقافية والى ثورة علمية محمية بقوة المقاومة العربية فالاسلام لم يكن موجوداً قبل ظهور الدعوة الى مشروع دولة الاسلام المتحد دولة يحترم فيها الانسان تنبذ العبودية تدعو الى الحرية والى مقاومة و مقاتلة الاعداء، اما مشروع امريكا العظيمة لم يكن موجوداً قبل اتحاد ولايات امريكا و مشروع الشيوعية لم يكن موجوداً قبل قيام الثورة البولشفية وفرنسا لم تصبح في مصاف الدول الرائدة قبل قيام الثورة الفرنسية اما اوروبا لم تتوحد الا بعد دراسة وفهم تاريخ الصراعات بين شعوبها المتنوعة وبعد اجراء نقد ذاتي ادى الى وحدتها والى تطور الانسان فيها
الشروع في مشروع اتحاد عربي حقيقي بحاجة الى اعادة لقراءة متأنية في تفاصيل التاريخ و الى استيعاب مراحله والى مضاعفة جهود التوعية الاعلامية بضرورة مناهضة المشاريع الاستعمارية السياسية والاقتصادية والعسكرية والفكرية والثقافية وحتى الاسلامية بنسخته المزورة وذلك لردم الهوة الحاصلة بين تاريخ صنعه لنا المستعمر وبين تاريخ وجب علينا صناعته بانفسنا لضمان مستقبل امتنا وأجيالنا العربية
نحن العرب نستحق الحياة والاحترام مثلنا مثل باقي الامم ونحن لم نخلق من اجل الهوان والخنوع لما فرضه الغرب علينا او لتصدير الادمغة العربية ولن نحوز على صفحة مشرفة في تاريخ احترام الامم والشعوب طالما بقينا نتلقى ضربات العدو الاسرائيلي والامريكي دون اي رد منا بل من حقنا المبادرة الى الرد بالمثل ولو باقل منه لان الدفاع عن سيادة ارضنا العربية واحترام ارادة شعبنا واجب مقدس ولم يعد
مقبولاً التحجج بالاولويات فلا يمكننا الاستمرار في حال الدفاع عن النفس لان في ذلك ضرب للعزيمة وتهاون بكرامة شعبنا و علينا توفير كل الامكانات لكسر هيبة العدو الاسرائيلي.
ان ايلام العدو الاسرائيلي كفيل بايلام عملائه وبردعهم عن الوغول في اضعافنا واما تحرير فلسطين فهو كفيل بتحرر الوطن العربي من اي استعمار ثقافي وعسكري واقتصادي فلا جدوى من المطالبة بتحرير ارض عربية محتلة بدون تحرير فلسطين البوصلة وام القضايا العربية.
من هنا تأتي اولوية التمسك بتحرير فلسطين لانها ارض عربية اغتصبت وسهّل اغتصابها بعض العرب بعد اعطائهم الضوء الاخضر لبلفورد البريطاني الذي منح الصهاينة حق احتلال فلسطين العربية.
ان القول بوجوب اعادة صياغة التاريخ على اسس السلام والتطبيع مع العدو الاسرائيلي فيه تعد على التاريخ نفسه فالتاريخ هو حقبة او مرحلة موثقة لا تقبل التحريف ولا التزوير ولان صراعنا مع العدو هو صراع وجود فالتاريخ هو قاض منصف لا يعرف الحلول الوسط.
ان اعادة قرأة تاريخنا والتمعن بكل تفاصيله وفهم واستيعاب مراحله واجراء نقد ذاتي ضرورة ملحة من اجل معالجة مكامن الضعف وتعزيز عوامل القوة ما يحقق ردم الهوة الحاصلة بيننا وبين حقنا وتاريخنا الحقيقي.
ان مشروع اتحاد الاقليم العربي وهو السمت الصحيح لتصحيح الجغرافية السياسية لمنطقتنا بعدما رسم حدودها مستعمر وبحبر مزور اورث اجيالنا حروباً دائمة ومتنقلة لابقائنا في حال من الضعف الدائم و حرمنا من امتلاك مشروع الاتحاد الاقليمي الامر افقدنا فرصة احترام التاريخ لامتنا العربية
نحن في مرحلة مصيرية لا حلول وسطا فيها ولا مجال للتردد والانهزام فلا تنازل عن الحقوق ولا تفريط بشبر واحد من ارضنا ولا بمياهنا العربية ولا بثرواتنا و لن نُستَعمَر مرة اخرى لاننا امة قدرها النهوض من تحت الركام لنكون أسياداً على ارضنا مستقلين في بلادنا احراراً بثرواتنا وحقوقنا ولاننا اصحاب هذه الارض، فالامة المتمسكة بحقوقها لا بد و أن تفرض وجودها على باقي الامم حينها فقط يفرد لها التاريخ صفحات الاحترام.