وكأن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يعيش في بلد غير لبنان خصوصاً عندما يعود ويطرح من جديد مسألة الإستقالة الجماعيّة من مجلس النواب تمهيداً لإجراء إنتخابات نيابيّة مبكرة وتغيير الأكثرية الحالية وعندها يكون الحل.
نعم كأن "الحكيم" يعيش في بلد غير لبنان، وكأنه لم يقتنع بعد بأن الإنتخابات الفرعيّة التي يُحكى عنها لملء الشغور الحاصل في المقاعد العشرة التي أصبحت معروفة (8 مقاعد بسبب الإستقالات ومقعدان بسبب وفاة النائبين ميشال المر وجان عبيد) ستحصل كما يقال ويتردد في نيسان أو حزيران المقبل. دعوة جعجع هذه، تطرح أكثر من علامة إستفهام ولدى أكثر من فريق. اولاً لدى الفريق الذي يعتقد رئيس القوات أنه قريب منه في الخط المعارض، والمقصود هنا الكتائب والحزب التقدمي الإشتراكي ومجموعات إنتفاضة 17 تشرين الأوّل. بالنسبة للكتائب تسأل اوساطه، "وهل يعتقد جعجع أن هناك من لا يزال يصدق آلاعيبه عندما يطرح الإستقالة من مجلس النواب، وهو الذي سبق أن تخلى عن النواب المستقيلين في نصف الطريق مخلاً بوعده ومتراجعاً عن إستقالة لنواب تكتله من المجلس بعد إنفجار الرابع من آب الفائت؟!.
وفي سياق متصل، الهوة السياسية كبيرة وواسعة بين مجموعات 17 تشرين الأوّل والقوات، وهنا تعتبر مصادر هذه المجموعات ان جعجع وعلى رغم إنكشاف أمره لناحية محاولة ركوب موجة الثورة، لا يزال يحاول بين الحين والآخر أن يصور نفسه أمام الرأي العام وكأنّه لم يشارك يوماً في الحكم وأن وزراءه لم يرتكبوا كغيرهم ولم يفسدوا. المصادر عينها تقرأ في دعوة جعجع الى الإستقالة من المجلس والذهاب الى إنتخابات نيابية مبكرة محاولة لإيهام الرأي العام المسيحي بأنه غير خائف من نتائجها وأن حزبه لم يخسر شعبياً مقارنة مع ما كان عليه في الإنتخابات السابقة لا بل زادت أرقامه، علماً ان الحقيقة شيء وما يقوله جعجع شيء آخر كلياً، لأن الناس التي تعيش في زمن وصل فيه سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة الى عشرة آلاف ليرة، لم تعد تسأل عن قوات أو تيار وطني حر او عن تيار المستقبل والحزب الإشتراكي، وعلماً أيضاً أن شعبية كل الأحزاب تراجعت بسبب فقدان الثقة بالمسؤولين بعد الإنهيار وبعد إنفجار مرفأ بيروت، وهذا ما تظهره الدراسات والإحصاءات الإنتخابيّة التي تُجرى من قبل شركات متخصصة. دراسات تؤكّد بما لا يقبل الشك أنّ الفئة المستطلعة التي تصوت لصالح مقاطعة الإنتخابات بسبب القرف إرتفعت أرقامها كثيراً وجاء ذلك على حساب كل الأحزاب، وحتى على حساب الثنائي الشيعي المعروف بكتلته الناخبة المتماسكة.
اما بالنسبة الى رئيس الحزب الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، فالمصادر تشير الى أنّ الإستقالة من مجلس النواب غير واردة في قاموسه في هذه الفترة، حتى ولو أنّها حضرت في مرحلة سابقة تلت إنفجار المرفأ، وقد يكون السبب الذي يدفعه الى عدم التفكير بالإستقالة هو إقتناعه التام بألاّ إنتخابات نيابية ستحصل لا فرعيّة ولا دورة عاديّة حتى في العام 2022.
إذاً هو حلم من احلام رئيس القوات. حلم الإستقالة وتطيير المجلس الحالي وإجراء إنتخابات نيابيّة مبكرة، على أمل ان تتغيّر الأكثريّة وتصبح لصالحه في إنتخابات رئاسة الجمهورية!.