العلاقة الجيدة والحميمية التي تربط المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تزعج العديد من السياسيين والإعلاميين الذين يحاولون وضعها وحصرها في مسارات ضيقة، وتشويهها لغايات لا تصب مطلقا في مصلحة البلد، ومساعي الخروج من الازمة، وتحديدا في الملف الحكومي، نتيجة قناعة ابراهيم والراعي بضرورة الاسراع في التأليف للخروج من الازمة من أجل مصلحة كل اللبنانيين بمختلف مشاربهم، وهذه القناعة المشتركة لايجاد الحلول تجعل خط التواصل بين الرجلين على مدار الساعة، هذا بالإضافة الى ان اللواء ابراهيم يحظى بثقة مطلقة في بكركي، وحرص البطريرك على وضعه في ما يقوم به من جهود بشأن تأليف الحكومة، وهذا الحرص أيضا يقابله اللواء ابراهيم لجهة وضع الراعي في حصيلة اتصالاته، ومرد ذلك إلى الحرص المشترك على تنسيق الجهود لانجاز التأليف وانقاذ البلد، علما ان مشاورات واتصالات ابراهيم في الملف الحكومي تشمل عون وبري والحريري وحزب الله وجنبلاط وفرنجية والقوات اللبنانية وسفراء عربا وأجانب وغيرهم، وبالتالي فإن دور ابراهيم يحظى باجماع شامل من كل الأفرقاء.
وفي المعلومات عن لقاء الخميس الماضي بين البطريرك الراعي واللواء ابراهيم فتشير مصادر مطلعة الى ان مكتب البطريرك الراعي اتصل بداية الأسبوع الماضي باللواء ابراهيم ناقلا اليه رغبة الراعي بالاجتماع به، وعلى هذا الأساس حدد الموعد نهار الخميس الماضي الساعة الخامسة بعد الظهر وقبل يومين من احتفال بكركي. وقد كان «الطبق» الأساسي في الاجتماع حكوميا، دون أي ملف اخر ولم يتم التطرق إلى مبادرة بكركي وتفاصيلها، لكن الراعي تحدث عن ترتيبات احتفال السبت اللوجيستية والدعوات الشعبية، وجرى نقاش عام دون الخوض بتفاصيل المبادرة الذي أعلنها الراعي في مناسبات عديدة، وبالتالي لم يطرح اللواء في الاجتماع اي خطوات بشأن المبادرة، ولم ينقل اية رسائل لبكركي ولم يحمّله الراعي أيضا اية رسائل لاي طرف، علما ان الراعي يتواصل بشكل دائم مع عون والحريري، فيما التواصل بين لجنة بكركي وحزب الله لم ينقطع وتكثف بعد احتفال بكركي، ولم يعد سرا وتحديدا بين الأمير حارث شهاب واحد مسؤولي حزب الله، كما أن اجتماعا حصل بين شخصية مسيحية وازنة ومعتدلة ومقربة من بكركي مع مسؤول في حزب الله وجرى نقاش بالعمق، وظهر وجود خلاف عميق بين الطرفين حول المؤتمر الدولي، لكن ذلك لا يلغي الحرص على إبقاء التواصل والحوار.
لكن الامرالمستغرب جدا حسب المصادر المطلعة، انه بمجرد الإعلان عن لقاء الراعي وإبراهيم، تحركت بعض الأقلام لترسم سيناريوات «همايونية» من نسج الخيال عن الزيارة، ووضعها بهدف التشويش وإجهاض مبادرة بكركي والقوطبة عليها، وهذا ما ازعج البطريرك شخصيا وكذلك دوائر بكركي ودفعها إلى إصدار بيان توضيحي عن الزيارة، وبأن الاجتماع تم بناء لطلب من البطريرك ورغبته، وتركز النقاش على مسعى تأليف الحكومة. والملفت ان احد المواقع الإلكترونية الذي شوّش على الزيارة ورسم «مشاهد خيالية لها» لم ينشر توضيح الصرح البطريركي رغم استفسارها عن ذلك، حيث يصنف هذا الموقع نفسه بأنه صوت الراعي، وكيف يمكن أن يكون صوت بكركي وفي نفس الوقت يرفض نشر بيانها التوضيحي، لكن الاب عبدو ابو كسم عاد وأوضح في مقابلة تلفزيونية، كيف تمت الزيارة وماذا كان جدول اعمالها.
ما يجري في البلد حسب المصادر المطلعة «جنون» حقيقي، والأزمة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا على صعيد «لقمة عيش اللبنانيين»، وهذا ما حذر منه ابراهيم بالقول ان «الجوع كافر» والانهيار سيضرب كل اللبنانيين، ولا بد من خطوات سريعة للإنقاذ، وعلى هذا الأساس وتحت سقف الإنقاذ يكثف اتصالاته مع الجميع، ينجح احيانا وأحيانا أخرى لا يتم التجاوب معه، لكنه لن يتوقف عن بذل الجهود وتدوير الزوايا للحل، ولن يقف عند «وشوشات» من هنا وهناك، وتسريبات معروفة الأهداف، وهل هناك من طريق اخر غير الحوار والتلاقي لإنقاذ البلد واخراجه من غرفة العناية الفائقة قبل «غرق» المركب بالجميع ودون استثناء؟