أكّد مفتي صور وجبل عامل المفتي الشيخ حسن عبدالله، أنّ "زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى العراق تشكّل منعطفًا جديدًا في العلاقات الإسلامية المسيحية، وتعكس رؤية مشتركة لدى الطائفة الشيعية والكنيسة الكاثوليكية، مبنية على الإحترام المتبادل وضرورة العيش المشترك وتنوّع الحضارات الثّقافيّة والدّينيّة في المجتمع البشري"، معتبرًا أنّ "ما سبق يأتي في صميم الرّؤية الدّينيّة الّتي تقوم على التّكامل بين الأديان لا البُعد الصّدامي بين المسلمين والمسيحيّين"، مشدّدًا على أنّ "أتباع جميع الأديان وعلى رأسهم المسيحيّين والمسلمين مدعوّون جميعا للتّعاون من أجل بناء مجتمع انساني هادئ بعيدا عن المحاصصات المادية والسّياسيّة كما يجري حاليا في العالم".
وفي حديث لـ"النشرة"، شدّد عبدالله على أنّ "اللّقاء بين البابا والمرجع آية الله السيد علي السيستاني هو بمثابة رسالة موجّهة للعالم أجمع بأنّ بناء الإنسان مسؤوليّة دينيّة وإنسانيّة، وهذا الحضور المشترك هو رسالة أيضا للأجيال القادمة للدّفع باتّجاه تعاون جدّي بين المسلمين والمسيحيين"، معتبرًا أنّ "أهمّ ما سيحمله هذا اللّقاء التّاريخي هو الوثيقة الّتي سيوقّعها الجانبان، وهي ستحمل نفس المبادئ الّتي وردت في "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" الّتي وقّعها البابا مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، وهي ترسيخ حقيقي لعمق الوعي الدّيني لدى الجانبين".
وثمّن المفتي عبدالله إصرار البابا على عدم تأجيل موعد الزّيارة رغم كلّ الظّروف الصّحيّة والأمنيّة في العراق، معتبرًا أنّه "هذا الإصرار ليس مستهجنا وهو مثال حقيقيّ لروحيّة الدّين الّذي جاء به السيد المسيح عيسى عليه السّلام للحفاظ على البشرية، وموقف البابا يدلّ على عمق الوعي في فهم الرّسالة الإيمانيّة للأديان السّماويّة".
وحول تخصيص البابا فرنسيس للسّيد السّيستاني دون سواه من المراجع في العراق، أوضح عبدالله بأنّ "مرجعية السّيد السّيستاني ممثّلة لكلّ المرجعيّات الشّيعيّة في العراق، ولا يوجد أيّ تحفّظ من المرجعيّات الشّيعيّة، فالسّيد السّيستاني ينطق بلسان الجميع ويطرح عنوانا يرتكز إلى المفهوم الّذي طرحه الإمام علي بن أبي طالب وهو "النّاس صنفان إمّا أخ لك في الدّين أو نظير لك في الخلق" وهذا المبدأ يشكّل مفصلا أساسيّا في العلاقات المشتركة بين الأديان".
من جهة أخرى، رأى عبدالله أن "زيارة البابا للعراق تؤسّس لطرد أيّ فكرة توحي بأنّ هناك نزاعا دينيّا قائما بين المسلمين والمسيحيّين، فالعراق يُعتبر مهد الحضارات والأديان والتّنوّع الدّيني، ونحن نريد الحفاظ على هذا التّنوع وخاصّة الوجود المسيحي في بلاد الشرق وهناك مسؤوليّة علينا للحفاظ عليه".
وهل سيكون للزّيارة انعكاس على لبنان، أجاب عبدالله:"أيّ تقارب بين الأديان يعكس حالة هدوء نفسي على لبنان والمنطقة، وخاصّة في ظل ما كانت تروّج له بعض الحركات الإرهابيّة باسم الدّين الإسلامي، فهذه الزّيارة دليل بأنّ هذه الفئات لا تمثل المسلمين".
وفي الختام، تمنّى المفتي عبدالله على القيادات السّياسيّة في لبنان أن تنظر لزيارة البابا ولقائه بالسيد السيستاني ليكون منطلقا للحوار والتّلاقي بينهم، مضيفا:"الحوار بين الجميع هو أساس بناء لبنان ولا يمكن أن تستثني أيّ فئة أو مجموعة أو جماعة، ولا يجوز اقصاء أيّ فريق في الدّاخل اللّبناني، وعلى الجميع التّعاون لتشكيل حكومة جديدة تكون منطلقا للخروج من الواقع الصّعب الّذي يعيشه لبنان".