أشار رئيس جمعية المستهلك زهير برّو، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "الحوادث التي شاهدناها في بعض السوبرماركت من خلافات ومشاكل على خلفية السعي للحصول على المواد الغذائية المدعومة هو أمر محزن وخطير في آنٍ معًا، فالشعب اللبناني وصل إلى مرحلة بات يخاف فيها على مصيره ومستقبله، ومن الطبيعي أن يُعبّر عن غضبه بعد الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار".
ورأى برّو أن "المسؤول عن وصول الوضع إلى ما هو عليه اليوم هو السياسات والإجراءات التي اتخذتها السلطة السياسية منذ 17 تشرين الأول 2019، فبدل أن تلجأ إلى حلول نقدية واقتصادية والتوجه نحو الاقتصاد المنتج وتأمين المظلّة للعائلات الفقيرة، ذهبت نحو دعم التجار والمستوردين، ولم يصل من هذا الدعم إلّا القليل للفقراء، بل على العكس ارتفعت نسب الفقر والبطالة خلال هذه الفترة".
وكشف برّو أنه "خلال فترة الـ15 شهرًا الأخيرة تم صرف 8 مليار دولار على الدعم واستفاد من هذه الأموال التجار الكبار، مع العلم في كل الحسابات كان يتبين أن دعم العائلات الفقيرة بشكل مباشر يكلّف الدولة مليار دولار فقط، وبالتالي على اللبنانيين أن يستنتجوا بأن الحلف القائم بين الزعامات السياسية والمصارف والتجار متماسك وواضح المعالم وهو من يمتلك القرار في البلد، ومن يعتقد بأن هذا الحلف سيتخلى عمّا يعتبره مكتسبات له هو واهم".
واعتبر برّو أن "على الحراك الشعبي أن ينضج ويفهم ما يجري من حوله وينبذ بعض الممارسات السلبية والخطيرة التي تضر به، كما على الغاضبين الحقيقيين طرد كل المتسلّقين على أوجاع الناس من بعض رموز القطاع الخاص الذين استفادوا من الفساد القائم في البلد"، مشيرًا إلى أن "شعار "كلن يعني كلن" هو خطأ فادح ويُلغي المحاسبة، وبالتالي يجب اعتماد الوسائل التي نجحت في بلدان عديدة بمعركة محاربة الفساد، وبرأيي يمكن تكرار تجربة هذه الدول في لبنان مع الأخذ بعين الاعتبار تركيبة النظام الطائفي".
ولفت برّو إلى أن "قطع الطرقات هي وسيلة فيها إساءة للشعب اللبناني الذي يركض خلف لقمة عيشه، بل المطلوب الذهاب إلى محاصرة منازل المسؤولين ووضعهم قيد الإقامة الجبرية حتى تنشأ الظروف التي تسمح بمحاسبتهم"، معتبرًا أن "القضاء في لبنان يتهرّب من مسؤولياته وقسم من القضاة يستزلمون لدى السلطة السياسية، أما القضاة الشرفاء نجدهم خائفين، ومن هنا نرى أن وجود الناس في الشارع يساهم بمساعدة القضاة على مجابهة الفاسدين".
وفي الختام، تطرّق برّو إلى مسألة تخزين المواد والسلع الغذائية، موضحًا أنه "عندما طرحنا مسألة الدعم وآثاره المدمرة كان التهريب والتخزين وتغيير صلاحيات المواد في رأس المخاطر التي تحدثنا عنها، وما يجري خطير على الصحة العامة، وكان الأجدى بالحكومة بدل أن تخترع دورًا للموظفين بملاحقة موضوع الأسعار وحرف الدعم نحو التجار، أن تذهب في الأساس إلى دعم العائلات الفقيرة وتتفرّغ لمتابعة ملف سلامة الغذاء وهو الأخطر"، مؤكدًا أنه "كان على الحكومة أن تتجه نحو تطبيق قانون سلامة الغذاء وإنشاء الهيئة الوطنية له، ولكن للأسف هذه الخطوات تضر بالتجار ومن يقف خلفهم ولذا لم تقم الدولة بهذه الإجراءات".